ويقول: (أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ) [سورة البقرة: 140] .
ويقول: (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا) [سورة الأنعام: 115] .
فهذا الكلام الذي قاله تعالى لا شك في أنه صحيح. وقوله: يكاد. معناه يقرب. ولا شك أن ذلك الزيت يقرب من الإضاءة ولو لم تمسسه نار، ولكنه لم يُضئ بالفعل كما هو مدلول الآية الكريمة.
فإن قيل: قد جاء في كلامه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما يدل على جواز الإغراق، وذلك في قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بعض روايات حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها: "وأبو جهم لا يضع عصاه عن عاتقه".
ومعلوم أنه يضعها في بعض الأوقات كأوقات النوم والصلاة وغير ذلك.
فالجواب: أن قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا يضع عصاه عن عاتقه" كناية عن كثرة ضربه النساء.
والمراد بلفظ الكناية لازم معناه، ولازم معناه المراد به الذي هو كثرة ضرب النساء واقع صدقًا بلا شك كما جاء مصرحًا به في بعض روايات الحديث في قوله: "وأما أبو جهم فرجل ضراب للنساء"، فظهر أن المقصود من لفظ الكناية في الحديث واقع حقًّا بلا شك من غير كذب في مدلول اللفظ بخلاف الإغراق كقوله:
*وَنتبعه الكرامةَ حَيْث مَالاَ*
وقوله:
*لَوْلاَ مخاطبتي إياك لم تَرني*