ففقه النفس يعينه على القيام بأمر الله تعالى في نفسه وأهله، ومن حولهم، وفي فتاويه للنَّاس، فإنَّه يعلم بحاله حالهم، فتكون فتاويه ونصائحه موفقة لا ملفقة.
وملكة القدرة على الاستنباط لأنَّ نصوص الشرع تنحصر والنوازل لا تنحصر، فأحكام الدين تؤخذ بالاستنباط من الأدلة، وهذا هو الفقه الحقيقي، فليست القضية في حفظ النصوص واستحضارها، ولكن في تنزيل هذه الأحكام بفقه النفس وملكة الاستنباط في استخراج الحكم الذي يرضي الله ورسوله، فقد قالوا: أنَّ الفقيه هو الذي أحاط علمًا بالشريعة، فيستخرج الحكم من مجموعها.
وأيضًا ملكة الترجيح بين الآراء ملكة خطيرة، فهو لا يتعصب لمذهب ولا لشخص ولا يحكمه الهوى، فلا يتابع أحدًا في كل أقواله إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلذلك هو مجتهد حقيقة، وهذا المجتهد له ملكة حقيقية، تبين له الصحيح من المزيف من الأقوال كالصيرفي الماهر، فهو حين ينظر في أقوال الناس يعرف مآخذ العلماء ويتبين له مشاربهم، فيتوجه الأمر لديه بالترجيح الصحيح بينهم، وقد مر بنا مرارًا قول رسول صلى الله عليه وسلم " يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وتأويل الجاهلين، وانتحال المبطلين " (?)