ما هي حقيقة الفقه؟
أيها المتفقه ـ حبيبي في الله ـ:
الفقه الحقيقي هو: امتلاك القدرة على ما يسمى في المصطلح الفقهي بـ " تحقيق المناط "، أو القدرة على تجريد النص من قيد الزمان والمكان، والاجتهاد في تنزيله على واقع الناس، ومعالجته لمشكلاتهم.
فليس الفقه في حفظ كتاب أو سرعة استذكار مسألة مع العجز ـ مثلاً ـ عن إيجاد وتوليد مثال غير مثال الأقدمين، والذي ما زلت تراه في كل كتاب تقرأه، وكأنَّ الفقه صار محصورًا في بعض المسائل القديمة.
وإنما نعني بالفقه الإدراك العميق لمقصود الشرع، والإلمام بالواقع عن طريق معرفة الأسباب، ومعرفة السنن الربانية والكونية، واستيعاب حقائق الماضي، في ظل مواجهة واقعية، فليس بفقيه من عاش بمعزل عن الناس، ولم يبصر ما يعانونه، ولم يدرك الملابسات والتفاصيل التي تحيط بكل منهم.
وقد قال الله تعالى: " ما فرطنا في الكتاب من شيء " [الأنعام /38] ... فالدين يشمل كل جوانب الحياة، ولعل هذا من أخطر ما يعاني منه المسلمون الآن، أعني إدراك هذه الحقيقة والتعامل من منطلقها في دراسة كل مشكلاتهم، لأنَّه بسبب تيارات " الغزو الفكري " تعرضت لزعزعة هذا الأصل الأصيل في تعاملها مع الواقع، فلم يعد الدين هو صاحب الكلمة الأولى، ولم يعد له الفصل في جميع المسائل،