ضَعْ ثقتَك في أهلِ العلمِ الأمناءِ على شرعِ اللهِ، واعْرِفْ أنهم لن يمتنعوا عن فعلِ خيرٍ إلا رجاءَ خيرٍ أعظمَ أو خشيةً من وقوعِ شرٍّ أعظمَ.
وكثيرٌ من الأمورِ قد يكتمُها العلماءُ، وتصدرُ فتواهم دونَ حيثياتٍ، لا سيما إذا كان في التحديثِ حصولُ مفسدةٍ أعظمَ، وليس هذا من كتمانِ العلمِ المنهيِّ عنه، بل لاعتبارات شرعيةٍ.
فاعلمْ؛ أن امتناعَ أهلِ العلمِ عن الإخبارِ لا يحصلُ إلا من بابِ دَرْءِ المفسدةِ وتحقيقِ المصلحةِ.
ومن ثقتِك بهم أن تعرفَ أنهم أدرى بمصلحتكِ من نفسِك، فلربَّما يشيرُ عليك شيخُك بكتابٍ، أو بعلمٍ، أو يبدأُ معك بصغارِ المسائلِ فتستخفُّ بها، والعلمُ لابد له من المرحليةِ، فخذ عنهم، فلن تَعْدَمَ نفعًا.
قال الإمام البخاريُّ: الربانيُّ الذي يُرَبِّي النَاسَ بصغارِ العلمِ قبلَ كبارِه.
قال الحافظُ معلقًا: "والمرادُ بصغارِ العلمِ ما وَضحَ من مسائلِه، وبكبارِه ما دَق منها.
وقيل: يعلمُهم جزئياتِه قبلَ كلياتِه، أو فروعَه قبلَ أصولِه، أو مقدماتِه قبلَ مقاصدِه" (?).