فقد تكلم ابنُ أبي ذئب في مالكٍ لأنه بلغه أنَّ مالكًا -رحمه الله-
لا يأخذُ بحديثِ "البيعانِ بالخيارِ ... " (?) فاشتدتْ مقالةُ ابنِ أبي ذئبٍ -رحمه الله- في الإمامِ مالكٍ، ولم يعوِّلْ العلماءُ على ذلك، فبقيتْ إمامتهُما معتبرةً، ولكنهما كانا عالمي المدينةِ، فحدث بينهما ما يكونُ بين الأقرانِ في البلدِ الواحدِ (?).
وتكلم سعيدُ بنُ المسيبِ -رحمه الله- في عكرمةَ، وتكلم الثوريُّ -رحمه الله- في الإمامِ أبي حنيفةَ، وطوى العلماءُ هذه المقالاتِ، وطَعَنوا أحيانًا في صحتِها، ووجَّهُوا بعضَها بأنَّ هذا شأنُ المعاصرةِ والمنافرةِ ونحوِهما.
فلم يقبلوا قولَ الإمامِ مالكٍ في محمدِ بن إِسحقَ صاحبِ المغازي؛ لما عَرَض لهما من المخالفةِ.
قال علماءُ الجرحِ والتعديلِ: لا يُقبلُ جَرحُ المعاصرِ على المعاصرِ، أي إذا كان بلا حجةٍ، لأنَّ المعاصرةَ تفضي غالبًا إلى المنافرةِ.
قال التاجُ السُّبكيُّ في طبقات الشافعيةِ: ينبغي لك -أيها المسترشدُ- أن تسلكَ سبيلَ الأدبِ مع الأئمةِ الماضين، وأن لا تنظرَ إلى كلامِ بعضِهم في بعضٍ، إلا إذا أتى ببرهانٍ واضحٍ، ثم إن قدرت على التأويلِ وتحسينِ الظنِّ فدونَك، وإلا فاضربْ صفحًا عمَّا جَرَى بينهم، فإنك لم