ولو أنَّ كل مَن أخطأ في اجتهاده مع صحةِ إيمانِه، وتَوَخِّيه لاتباعِ الحق أهدرناه وبَدَّعناه، لَقَل مَن يسلمُ من الأئمةِ من ذلك.

يقول الإمامُ الذهبي -رحمه الله-: " ثم إن الكبير من أئمةِ العلمِ إذا كَثُر صوابُه، وعُلِم تحريه للحق، واتسع علمُه، وظَهَر ذكاؤُه، وعُرِف صلاحُه وورعُه واتباعُه، يغفرُ له زللُه، ولا نضللُه ونطرحُه وننسى محاسنَه، نعم ولا نقتدي به في بدعتِه وخطئِه، ونرجو له التوبةَ من ذلك" (?).

وقال -رحمه الله-: وإنما يُمدحُ العالمُ بكثرةِ ما لَه مِن الفضائلِ، فلا تُدفنُ المحاسنُ لورطةٍ، ولعله رَجَع عنها، وقد يغفرُ له باستفراغِه الوسعَ في طلبِ الحق، ولا قوةَ إلا باللهِ (?).

فهذه القاعدةُ الذهبيةُ سلفيةُ المشربِ في وزنِ الرجالِ من حيثُ كثرةُ الفضائلِ أو المساوئِ، أما تَرَى الرسولَ - صلى الله عليه وسلم - يعفو عن حاطبِ بنِ أبي بلتعة في شأنِ مراسلتِه للكفارِ لأنه شَهِد بدرًا (?)، ويقولُ في شأنِ عثمانَ لما جَهَّز جيشَ العُسْرَةِ: ما ضَر ابنَ عفانَ ما عَمِل بعدَ اليومِ (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015