فالموقفُ الرشيدُ حينئذٍ التثبتُ، وذلك بتمحيصِ الخبرِ والتحققِ من صدقِه قبلَ إفشائِه وإذاعتِه.
قال اللهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6].
فعلى العاقلِ ألا يغترَّ بكلامٍ يتناقلُه جماهيرُ النَّاسِ دونَ تثبتٍ أو تمحيصٍ، إذ عادةُ هؤلاءِ السُّرعةُ في إساءةِ الظنِّ قبلَ إحسانهِ، وقد نُهينا عن الظنِّ الذي لا يُغني من الحقِّ شيئًا.
فعليك -أيها المتفقه- أن تتثبتَ سندًا ومتنًا، فتنظر فيمن ينقلُ، وهل هو من الثقاتِ العدولِ المشهودِ لهم بالديانةِ واستقامةِ الحالِ، ثمَّ فيما يُنقَلُ هل يحتمل وجوهًا فتردُّها إليها، فتسلمُ ويَسْلَمُ قلبُك. وخُذْها عن أهلِ الجرح والتعديل: كل رجلٍ ثبتت عدالتُه لم يُقبلْ فيه تجريحُ أحدٍ إلا بأمرٍ بَيَنٍ (?).
فالعلماءُ على الجملةِ عُدولٌ ثقات، وهم خيرُ البريةِ، وصفوةُ الأمَّةِ، وإذا كان الأمرُ كذلك فينبغي أن يُغتفَر قليلُ خطأِ العالمِ بالنسبةِ لكثيرِ صوابِه، والنَّادرُ لا حُكمَ له، والعبرةُ على الغلبةِ لا على النُّدرةِ.