قال الإمامُ الذهبيُّ -رحمه الله- معقبًا: ثَبَت أنه كان يأخذُ على الحديثِ شيئًا قليلا لفقرِه.
قال ابنُ خشرم: سمعتُ أبا نُعَيْمٍ يقول: يلومونني على الأخذِ، وفي بيتي ثلاثةَ عَشَرَ نفسًا، وما في بيتي رغيفٌ (?).
3 - ومما يُعتذرُ للعالمِ أيضًا ما يَصدرُ عنه مِن أفعالٍ وأقوالٍ تتماشى مع طبيعتِه الذاتية.
فمثلًا: قد يكون العالمُ ذا طبيعةٍ متسامحةٍ، فيجالسُ أهلَ البدعِ -وحقُّه أن يَكْفَهِرَّ في وجوهِهم- ولكنْ يخالطُهم لما فيه من التسامحِ الزائدِ، فيظن الجاهلُ بحالِه أنَّ هذا العالمَ بخلطتِه أهلَ البدعِ صار منهم، ويقولُ لك: اعْرف الرجلَ بمن يَصْحَبُ. وتتقاذفُ التُّهمُ، وكم مَرَّ العلماءُ والدعاةُ إلى اللهِ بمثلِ ذلك، حتى يُرمى في عقيدتِه ودينهِ، وكلامُ الرَّجُلِ يشهدُ ببراءتِه، ولكن ما الصنيعُ فيمن لا يراعون اللهَ في علمائِهم ودعاتِهم.
قال الواقديُّ -في الكلامِ على ابنِ أبي ذئبٍ-: "ورُمي بالقَدَرِ، وما كان قَدَرِيًّا، لقد كان يتقي قولَهم ويَعيبُه، ولكنَّه كان رجلًا كريمًا، يجلسُ إليه كلُّ أحدٍ، ويغشاه فلا يطردُه، ولا يقولُ له شيئًا، وإن مَرِض عاده، فكانوا يتهمونه بالقدرِ لهذا وشِبْهِه".
قال الإمامُ الذهبيُّ -معقبًا-: كان حَقَّه أنْ يَكْفَهِرَّ في وجوهِهم، ولعله كان حَسَنَ الظنِّ بالنَّاسِ (?).