أو يُشاع عنه أمرُ سوءٍ، حتى ترى كُلًّا يطعنُ فيه، ويرميه بما ليس فيه، ولو بحث له عن عُذْر لوجد وايم الله، ولكنَّ النوايا ساءتْ، والطوايا خَبُثَتْ، فلم تَجِدْ إلا ما تَرَى وما تسمعُ.
1 - ومِن أكثرِ ما يهمزُ به العلماءُ السُّكوتُ في وقتِ المِحَنِ خوفًا، والأخذُ بالرُّخصةِ في ذلك، فيُلامُ على تركِ العزيمةِ بإشهارِ كلمةِ الحقِّ، وهذا -ولا شك- أولى في حقِّ العلماءِ الذين يُقتدى بهم، ولكنَّ العالمَ بَشَرٌ يَخافُ ويَخْشَى، لا سيمَّا مع كبرِ السِّنِّ وضعفِ البدنِ.
فهذا عليُّ بنُ المدينيِّ -رحمه الله- يُجاري القومَ أثناءَ محنةِ خلقِ القرآنِ، فيُسألُ عن ذلك فيقولُ: قَوِيَ أحمدُ على السَّوطِ وأنا لا أَقْوَى.
ويلومُه بعضُهم فيقولُ: ما في قلبي مما قلتُ وأجبت إلى شيءٍ، ولكنِّي خِفْتُ أنْ أقتلَ، وتعلم ضعفي أني لو ضربتُ سوطًا واحدًا لمتُ، أو نحو ذلك.
2 - ومن ذلك أيضًا شَغَبُ بعضِهم على العلماءِ في شأنِ أخذِ الأجرةِ على التعليمِ، أو الأخذِ من بيتِ المالِ.
ومَن يتأمل حالَ الدعاةِ والعلماءِ في عصرِنا، العصر الذي لم يَعُدْ فيه بيتُ مالٍ ينفقُ على طلبةِ العلمِ والعلماءِ، فيضطرُ العالمُ أنْ ينفقَ وقتًا طويلًا من عُمره لكسبِ ما يَتَقَوَّتُ به وعياله، ناهيك عن كثرةِ المتطلباتِ من الكتب والرحلةِ في الدعوةِ أو الطلبِ، فمن أين لطالبِ علمٍ أو عالمٍ فقيرٍ بكلِّ هذا؟!!.