وفي الصحيح من حديث أبى موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مثل ما بعثني الله تعالى به من الهدى والعلم، كمثل غيث أصاب أرضًا فكان منها طائفة طيبة قبلت الماء فانبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها طائفة أجادب أمسكت الماء فسقى الناس وزرعوا وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه دين الله تعالى ونفعه ما بعثني الله به، فعَلِم وعَّلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به " (?)
يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ: فجعل النبي صلى الله عليه وسلم النَّاس بالنسبة إلى الهدى والعلم ثلاث طبقات: الطبقة الأولى: ورثة الرسل وخلفاء الأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ وهم الذين قاموا بالدين علمًا وعملاً، ودعوة إلى الله عز وجل ورسوله.
فهؤلاء أتباع الرسل صلوات الله عليهم وسلامه حقًا، وهم بمنزلة الطائفة الطيبة من الأرض التي زكت، فقبلت الماء، فانبتت الكلأ والعشب الكثير، فزكت في نفسها، وزكا النَّاس بها، وهؤلاء هم الذين جمعوا بين البصيرة في الدين، والقوة على الدعوة؛ ولذلك كانوا ورثة الأنبياء الذين قال الله تعالى فيهم: " واذكر عبادنا إبراهيم وإسحق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار" [ص /45] أي البصائر في دين الله