وأما النفاق: فلقوله عليه السلام: "مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين: تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة" رواه مسلم.

والنفاق ثلاثة أشياء: الكذب عند الكلام، والخيانة عند الأمانة، والخلف عند الوعد، على ما جاء في الحديث الصحيح: "ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان".

قوله: (ويستثنى من الكذب) يعني يجوز الكذب في ثلاثة مواضع (في الحرب للخديعة، وفي الصلح بين اثنين، وفي إرضاء الرجل أهله) لما روي عن أم كلثوم أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس أو يقول خيراً". قال ابن شهاب: "ولم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث المرأة زوجها" رواه مسلم، وأما دفع ظلم الظالم عن المظلوم بالكذب: ففي معنى ما ذكر.

قوله: (فإن عرض بالكذب بغير ضرورة) أي بغير حاجة ضرورية (قيل: يحرم) لأن اللفظ ظاهره الكذب، وإن كان يحتمل الصدق، فإن السامع يفهم منه الكذب ظاهراً، فيكون في ذلك نوع تغرير وخداع.

(وقيل: لا يحرم) لأنه ليس بكذب، لأنه مما يحتمله اللفظ، مثل أن يقال له: كل معنا هذا الطعام، فيقول: أكلت- يريد به الأكل بالأمس لا الأكل الحال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015