هذا الفصل في بيان ما يفسد الصوم
وما لا يفسد وما يوجب القضاء وما لا يوجب
قوله: (ومن أكل أو شرب أو جامع ناسياً لم يفطر) لقوله عليه السلام: "إذا نسي فأكل وشرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه" رواه البخاري. فإن قلت: لم لا يجوز أن يكون المراد بالحديث: الإمساك، تشبهاً بالحائض إذا طهرت؟
قلت: أمره بإتمام صومه وبالإمساك تشبهاً: لا يتم صومه، والمأمور به هو الإتمام للصوم، والذي يؤيد هذا المعنى: ما روي أنه عليه السلام قال: "إذا أكل الصائم ناسياً أو شرب ناسياً فإنما هو رزق ساقه الله إليه فلا قضاء عليه" رواه الدارقطني وقال: إسناده صحيح.
وإذا ثبت في الأكل والشرب ثبت أيضاً في الجماع دلالة، لأنه في معناه.
قوله: (بخلاف المكره والمخطئ) يعني إذا أكل أو شرب أو جامع مكرهاً أو مخطئاً: أفطر، خلافاً للشافعي، لأن المفطر وصل إلى جوفه، فيفسد صومه، وهو القياس بالناسي، إلا أنا تركناه بما رويناه.
والفرق بين صورة الخطأ والنسيان: أن الخاطئ ذاكر للصوم لكنه غير قاصد للشرب، والناسي قاصد للشرب لكنه ليس بذاكر للصوم، وهما على طرفي نقيض.
قوله: (ولو أنزل باحتلام أو فكر أو نظر أو أصبح جنباً من جماع أو ادهن أو قبل: لم يفطر) أما الإنزال بالاحتلام: فلا يفطر، لقوله عليه السلام: "لا يفطر من قاء ولا من احتلم ولا من احتجم" رواه أبو داود.