وَجَازَ صُلْحُهُ فِي عَمْدٍ، بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَالْخَطَأِ كَبَيْعِ الدَّيْنِ، وَلَا يَمْضِي عَلَى عَاقِلَتِهِ، كَعَكْسِهِ فَإِنْ عَفَا فَوَصِيَّةٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَجَازَ صُلْحُهُ) أَيْ الْجَانِي (فِي) قَتْلِ (عَمْدٍ بِأَقَلَّ) مِنْ الدِّيَةِ (وَ) بِ (أَكْثَرَ) مِنْهَا إذْ لَيْسَ فِي الْعَمْدِ عَقْلٌ مُسَمًّى فَيَجُوزُ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا بِأَجَلِ دِيَةِ الْخَطَأِ وَأَبْعَدَ مِنْهُ وَأَقْرَبَ، وَبِذَهَبٍ مَعَ أَهْلِ الْوَرِقِ وَعَكْسُهُ، وَبِإِبِلٍ فِيهِمَا وَعَكْسُهُ (وَ) الْقَتْلُ (الْخَطَأُ) حُكْمُهُ فِي الصُّلْحِ (كَبَيْعِ الدَّيْنِ) فِي أَحْكَامِهِ لِتَقَرُّرِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالْجَانِي مُؤَجَّلَةً بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَمَا يُصَالِحُ بِهِ مَأْخُوذٌ عَنْهَا فَيُمْنَعُ بِمُؤَجَّلٍ، أَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَبِذَهَبٍ عَنْ وَرِقٍ وَلَوْ حَالًّا وَعَكْسُهُ لِأَنَّهُ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ وَيَجُوزُ بِعَرَضٍ مُعَجَّلٍ أَوْ بِإِبِلٍ مُعَجَّلَةٍ، وَلَا يَجُوزُ بِأَقَلَّ مُعَجَّلًا لِأَنَّهُ ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَلَا بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ فِيهَا مَنْ جَنَى خَطَأً وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ فَصَالَحَ الْأَوْلِيَاءُ عَاقِلَتَهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ دِينَارٍ جَازَ إنْ عَجَّلُوهَا فَإِنْ تَأَخَّرَتْ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ. وَفِي الْعَمْدِ جَائِزٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ، وَمِثْلُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ. وَلَوْ صَالَحُوا بِذَهَبٍ وَالْجَانِي مِنْ أَهْلِ الْوَرِقِ أَوْ الْإِبِلِ، وَإِنَّمَا يُتَّقَى مَا يَدْخُلُ فِي الدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ ثَابِتٌ. الصِّقِلِّيُّ إنْ قِيلَ كَيْفَ صَحَّ لَغْوُ اعْتِبَارِ الدِّيَةِ فِي الْعَمْدِ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَهُ الْعَفْوُ فِي مَرَضِهِ. قُلْت يُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا بَعْضُ مَا اسْتَشْكَلَ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْأَصْلَ الدَّمُ وَالْمَالُ إنَّمَا هُوَ بِالْجَبْرِ، وَهُوَ لَمْ يَقَعْ وَعَدَمُ وُقُوعِ السَّبَبِ الْخَاصِّ مَلْزُومٌ لِعَدَمِ ثُبُوتِ مُسَبَّبِهِ، وَلَا سِيَّمَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَنْ مَلَكَ أَنْ يَمْلِكَ يُعَدُّ مَالِكًا.
(وَ) إنْ صَالَحَ الْجَانِي الْأَوْلِيَاءَ عَنْ دِيَةِ الْخَطَأِ فَ (لَا يَمْضِي) صِلَتُهُ (عَلَى عَاقِلَتِهِ) لَهُ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ تَدْفَعُ الدِّيَةَ مِنْ مَالِهَا وَلَا تَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْجَانِي فَهُوَ فُضُولِيٌّ فِي صُلْحِهِ عَمَّا يَلْزَمُهَا. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْمُضِيِّ فَقَالَ (كَعَكْسِهِ) أَيْ إنْ صَالَحَتْ الْعَاقِلَةُ الْأَوْلِيَاءَ فَلَا يَمْضِي صُلْحُهَا عَلَى الْجَانِي لِذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ صَالَحَ الْجَانِي عَنْ الْعَاقِلَةِ فِيمَا عَلَيْهَا فَأَبَتْ لَمْ يَلْزَمْهَا، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَكَذَا الْعَكْسُ وَاضِحٌ، لِأَنَّهَا فِيمَا يَلْزَمُهُ دُونَهَا كَأَجْنَبِيٍّ.
(فَإِنْ عَفَا) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَنْ الْجَانِي خَطَأً (فَ) عَفْوُهُ (وَصِيَّةٌ) أَيْ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ إيصَائِهِ بِالدِّيَةِ لِعَاقِلِهِ الْجَانِي فَهِيَ فِي ثُلُثِهِ، فَإِنْ حَمَلَهَا نَفَذَتْ وَصِيَّتُهُ وَإِنْ زَادَتْ عَلَيْهِ وَقَفَ الزَّائِدُ عَلَى