وَإِرْثُهُ كَالْمَالِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَتِيلِ بَطَلَ قَوَدُهُ لِأَنَّهُ مَلَكَ مِنْ دَمِهِ حِصَّةً. الصِّقِلِّيُّ أَشْهَبُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ الَّذِينَ مَنْ قَامَ مِنْهُمْ بِالدَّمِ فَهُوَ أَوْلَى، فَإِنَّ لِلْبَاقِينَ قَتْلَهُ بَعْضُ الْفَاسِيِّينَ هَذَا وِفَاقٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ. " غ " فِي دِيَاتِ الْمُدَوَّنَةِ مَنْ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا وَلَمْ يُقْتَلْ حَتَّى مَاتَ أَحَدُ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ وَكَانَ الْقَاتِلُ وَارِثَهُ بَطَلَ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ مَلَكَ مِنْ دَمِهِ حِصَّةً فَهُوَ كَالْعَفْوِ، وَلِبَقِيَّةِ أَصْحَابِهِ عَلَيْهِ حَظُّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ. ابْنُ يُونُسَ أَشْهَبُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ لَوْ عَفَا لَمْ يَلْزَمْ عَفْوُهُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ فَلَا يَبْطُلُ الْقِصَاصُ.
أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ هَذَا ظَاهِرُ الْجَوَابِ مِنْ قَوْلِهِ فَهُوَ كَالْعَفْوِ، وَمِنْ مِثْلِهِ الْبَنُونَ وَالْبَنَاتُ إذَا مَاتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ الْبَنَاتِ وَتَرَكَتْ بَنِينَ وَلِأَبِي مُحَمَّدٍ صَالِحٍ أَشَارَ ابْنُ عَرَفَةَ بِبَعْضِ الْفَاسِيِّينَ، فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالتَّشْبِيهِ أَنَّ إرْثَ الْقَاتِلِ دَمَ نَفْسِهِ كَالْعَفْوِ عَنْهُ وَهُوَ مِنْ بَابِ عَكْسِ التَّشْبِيهِ
(وَإِرْثُهُ) أَيْ دَمِ الْقَاتِلِ (كَ) إرْثِ (الْمَالِ) " غ " أَيْ وَارِثُ الدَّمِ كَالْمَالِ لَا كَالِاسْتِيفَاءِ، فَإِذَا مَاتَ وَلِيُّ الدَّمِ تُنَزَّلُ وَرَثَتُهُ مَنْزِلَتَهُ مِنْ غَيْرِ خُصُوصِيَّةٍ لِلْعَصَبَةِ مِنْهُمْ مِنْ ذَوِي الْفَرْضِ، فَيَرِثُهُ الْبَنَاتُ وَالْأُمَّهَاتُ، وَيَكُونُ لَهُنَّ الْعَفْوُ وَالْقِصَاصُ كَمَا كَانَ لَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ عَصَبَةً لِأَنَّهُمْ وَرِثُوهُ عَمَّنْ كَانَ ذَلِكَ لَهُ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي كِتَابِ الرَّجْمِ وَكِتَابِ الدِّيَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، فَفِي الرَّجْمِ مَنْ قُتِلَ وَلَهُ عَصَبَةٌ فَمَاتَتْ أُمُّهُ فَوَرَثَتُهَا مَكَانَهَا إنْ أَحَبُّوا أَنْ يَقْتُلُوا قَتَلُوا وَلَا عَفْوَ لِلْعَصَبَةِ دُونَهُمْ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْأُمُّ بَاقِيَةً.
وَفِي الدِّيَاتِ إنْ مَاتَ مِنْ وُلَاةِ الدَّمِ رَجُلٌ وَرَثَتُهُ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ فَلِلنِّسَاءِ مِنْ الْقَتْلِ وَالْعَفْوِ مَا لِلرِّجَالِ لِأَنَّهُنَّ وَرِثْنَ الدَّمَ عَمَّنْ لَهُ ذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ فَهِمَ شَارِحَا ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ مُرَادَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالنِّسَاءِ الْوَارِثَاتِ مَا يَشْمَلُ الزَّوْجَةَ، وَكَذَا الزَّوْجُ فِي الرِّجَالِ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، بَلْ لَا مَدْخَلَ لِلْأَزْوَاجِ فِي الدَّمِ. فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ تَرَكَ الْقَتِيلُ عَمْدًا بِالْبَيِّنَةِ أُمًّا وَبِنْتًا وَعَصَبَةً فَمَاتَتْ الْأُمُّ أَوْ الْبِنْتُ أَوْ الْعَصَبَةُ فَوَرَثَتُهُ فِي مَنَابِهِ إلَّا الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ، فَإِنْ اخْتَلَفَ وَرَثَةُ هَذَا الْمَيِّتِ وَمَنْ بَقِيَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ فَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ. ابْنُ رُشْدٍ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ هُوَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَوَجَبَ حَمْلُ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَيْهِ