وَبِيعَ مَا يَفْسُدُ، وَوُقِفَ ثَمَنُهُ مَعَهُمَا، بِخِلَافِ الْعَدْلِ فَيَحْلِفُ، وَيُبَقَّى بِيَدِهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (وَبِيعَ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ قَبْلَ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ (مَا) أَيْ الْمُدَّعَى بِهِ الَّذِي (يَفْسُدُ) بِتَأْخِيرِهِ إلَى تَمَامِ الشَّهَادَةِ كَطَرِيِّ لَحْمٍ وَفَاكِهَةٍ وَمَطْبُوخٍ (وَوُقِفَ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْقَافِ (ثَمَنُهُ) بِيَدِ عَدْلٍ (مَعَ) الشَّهَادَةِ مِنْ (هُمَا) أَيْ الشَّاهِدَيْنِ الْمُحْتَاجَيْنِ لِلتَّزْكِيَةِ (بِخِلَافِ) شَهَادَةِ (الْعَدْلِ فَ) لَا يُبَاعُ الْمُدَّعَى بِهِ بِسَبَبِهَا وَ (يَحْلِفُ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْهُ (وَيُبَقَّى) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا الْمُدَّعَى بِهِ (بِيَدِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. الْحَطّ يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى شَيْئًا يَفْسُدُ بِالتَّأْخِيرِ كَاللَّحْمِ وَرُطَبِ الْفَوَاكِهِ، وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ وَاحْتِيجَ إلَى تَزْكِيَتِهِمَا، فَإِنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ يُبَاعُ وَيُوقَفُ ثَمَنُهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَامَ عَدْلًا وَاحِدًا فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَحْلِفُ وَيَتْرُكُ الشَّيْءَ بِيَدِهِ، هَكَذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ مُتَبَرِّئًا مِنْهُ بِقَوْلِهِ قَالُوا وَقَبْلَهُ فِي التَّوْضِيحِ. وَقَالَ تَبْرَأَ مِنْهُ لِإِشْكَالِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحُكْمَ كَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الشَّاهِدِ الثَّانِي، كَذَلِكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى عَدَالَةِ الشَّاهِدَيْنِ. فَإِمَّا أَنْ يُبَاعَ وَيُوقَفَ ثَمَنُهُ فِيهِمَا أَوْ يُخَلَّى بِيَدِهِ فِيهِمَا. وَأَجَابَ صَاحِبُ النُّكَتِ بِأَنَّ مُقِيمَ الْعَدْلِ قَادِرٌ عَلَى إثْبَاتِ حَقِّهِ بِيَمِينِهِ فَلَمَّا تَرَكَ ذَلِكَ اخْتِيَارًا صَارَ كَأَنَّهُ مَكَّنَهُ مِنْهُ، بِخِلَافِ مَنْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدًا أَوْ وَقَفَ ذَلِكَ الْقَاضِي لِيَنْظُرَ فِي تَعْدِيلِهِمْ لَا حُجَّةَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى إثْبَاتِ حَقِّهِ بِغَيْرِ عَدَالَتِهِمْ.
وَأَشَارَ الْمَازِرِيُّ إلَى فَرْقٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ الْمَجْهُولَيْنِ أَقْوَى مِنْ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ يُعْلَمُ قَطْعًا أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ وَالشَّهِيدَانِ الْمَجْهُولَانِ إذَا عُدِّلَا فَإِنَّمَا أَفَادَ تَعْدِيلُهُمَا بَعْدَ الْكَشْفِ عَنْ وَصْفٍ كَانَا عَلَيْهِ حِينَ شَهَادَتِهِمَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَجْهُ الْإِشْكَالِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ قَالَ إنَّمَا تَبَرَّأَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُمْ مَكَّنُوا مِنْ الطَّعَامِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ بَعْدَ شَاهِدٍ وَلَمْ يُمَكِّنُوهُ مِنْهُ إنْ قَامَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ، بَلْ قَالُوا يُبَاعُ وَيُوقَفُ ثَمَنُهُ وَالشَّاهِدَانِ أَضْعَفُ. قَالَ فَإِنْ قُلْت وَلِأَجْلِ أَنَّ الشَّاهِدَ أَضْعَفُ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ أُبْقِيَ الطَّعَامُ بِيَدِ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ إذَا أُضْعِفَتْ الدَّعْوَى لِضَعْفِ الْحُجَّةِ ضَعُفَ بِسَبَبِ ذَلِكَ أَثَرُهَا، فَإِبْقَاءُ الطَّعَامِ بِيَدِهِ لَيْسَ هُوَ