كَغَيْرِهَا، إنْ طَلَبَتْ بِعَدْلٍ، أَوْ اثْنَيْنِ يُزَكَّيَانِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَشَبَّهَ فِي الْحَيْلُولَةِ فَقَالَ (كَغَيْرِهَا) أَيْ الْأَمَةِ مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ كَبَقَرَةٍ وَفَرَسٍ وَثَوْبٍ وَكِتَابٍ فَتَجِبُ الْحَيْلُولَةُ فِيهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَائِزِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (إنْ طُلِبَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْحَيْلُولَةُ مِنْ الْمُدَّعِي وَقَدْ أَتَى (بِعَدْلٍ) شَاهِدٍ لَهُ بِهِ وَزَعَمَ أَنَّ لَهُ شَاهِدًا ثَانِيًا (أَوْ) أَتَى بِ (اثْنَيْنِ) شَهِدَا لَهُ بِهِ (يُزَكَّيَانِ) بِفَتْحِ الْكَافِ، أَيْ يَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ بِهِمَا عَلَى تَزْكِيَتِهِمَا، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَلَدِيًّا أَوْ غَرِيبًا.
وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ الْفِقْهُ يَقْتَضِي أَخْذَ الْمُعَيَّنِ مِنْ الْغَرِيبِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِضَامِنٍ عَلَى نَظَرٍ فِي قَبُولٍ لِاحْتِمَالِ هُرُوبِهِ وَتَغْيِيبِ الْمُعَيَّنِ. وَأَمَّا الْعَقَارُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ إلَّا بِنِصَابٍ كَامِلٍ. طفى مَا اسْتَظْهَرَهُ الْبِسَاطِيُّ فِي الْعَقَارِ مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِكَمَالِ النِّصَابِ أَنَّهُمَا زَكَّيَا وَحَازَ الْمَشْهُودُ بِهِ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ قَوْلًا جَرَى بِهِ الْقَضَاءُ خِلَافُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّ الْعَقَارَ لَا يُوقَفُ بِحَالٍ. ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي الْحَدِّ الَّذِي يَدْخُلُ بِهِ الشَّيْءُ الْمُسْتَحَقُّ فِي ضَمَانِ الْمُسْتَحِقِّ، وَتَكُونُ الْغَلَّةُ لَهُ وَيَجِبُ بِهِ التَّوْقِيفُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ، وَلَا تَجِبُ لَهُ الْغَلَّةُ حَتَّى يَقْضِيَ لَهُ بِهِ وَهُوَ الْآتِي عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْغَلَّةِ لِلَّذِي هِيَ بِيَدِهِ حَقٌّ يَقْضِي بِهَا لِلطَّالِبِ، فَعَلَيْهِ لَا يَجِبُ تَوْقِيفُ الْأَصْلِ الْمُسْتَحَقِّ تَوَقُّفًا بِحَالٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَلَا تَوْقِيفُ غَلَّتِهِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الرُّبْعَ الَّذِي لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ لَا يُوقَفُ مِثْلُ مَا يَحُولُ وَيَزُولُ، وَإِنَّمَا يُوقَفُ وَقْفًا يَمْنَعُ مِنْ الْإِحْدَاثِ فِيهِ. اهـ. ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْأَقْوَالِ. ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَى نَقْلِهِ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا يَجِبُ التَّوْقِيفُ بِمُجَرَّدِ شَهَادَةِ شَاهِدَيْ عَدْلٍ. اهـ. وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِهِ وَالْغَلَّةُ لَهُ لِلْقَضَاءِ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ تت صِفَةُ الْإِيقَافِ غَلْقُ الدَّارِ خِلَافُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَخِلَافُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُوَطَّإِ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَمَعْنَى قَوْلِهَا فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يُوقَفُ وَقْفًا يَمْنَعُ مِنْ الْإِحْدَاثِ فِيهِ أَنْ يُقَالَ لِلَّذِي هُوَ عِنْدَهُ، وَفِي يَدِهِ لَا تُحْدِثُ فِيهِ حَدَثًا مِنْ تَفْوِيتٍ وَلَا تَغْيِيرٍ وَلَا يَخْرُجُ مِنْ يَدِك قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ.