عَارِفٍ لَا يُخْدَعُ؛ مُعْتَمِدٍ عَلَى طُولِ عِشْرَةٍ، لَا سَمَاعٍ مِنْ سُوقِهِ، أَوْ مَحَلَّتِهِ، إلَّا لِتَعَذُّرٍ

ـــــــــــــــــــــــــــــQذِي فَطَانَةٍ وَنَبَاهَةٍ لَا يُخْدَعُ (عَارِفٍ) صِفَاتِ الْعُدُولِ وَأَضْدَادِهَا وَأَحْوَالِ النَّاسِ بِمُخَالَطَتِهِ لَهُمْ فَلَا يَغْتَرُّ بِظَوَاهِرِهِمْ، إذْ كَمْ مِنْ ظَاهِرٍ مُمَوَّهٍ عَلَى بَاطِنٍ مُشَوَّهٍ (لَا يُخْدَعُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ. الْبِسَاطِيُّ هَذَا تَفْسِيرُ الْفَطِنِ يَزِيدُهُ أَيْضًا (مُعْتَمِدٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ فِي مَعْرِفَةِ حَالِ مُزَكَّاهُ (عَلَى طُولِ عِشْرَةٍ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ، أَيْ خُلْطَةٍ مَعَ مُزَكَّاهُ وَأَشْعَرَ تَذْكِيرُهُ الْأَوْصَافَ بِأَنَّ النِّسَاءَ لَا يُزَكِّينَ رِجَالًا وَلَا نِسَاءً وَهُوَ كَذَلِكَ (لَا) مُعْتَمِدٍ عَلَى (سَمَاعٍ) مِنْ مَحْصُورِينَ. وَأَمَّا السَّمَاعُ الْفَاشِي مِنْ الْعُدُولِ وَغَيْرِهِمْ فَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِ الْمُزَكِّي كَمَا سَيَأْتِي أَنَّ بَيِّنَةَ السَّمَاعِ يَثْبُتُ بِهَا التَّعْدِيلُ. الْبُنَانِيُّ لَمَّا عَارَضَ هَذَا مَا يَأْتِي مِنْ قَبُولِ شَهَادَةِ السَّمَاعِ فِي التَّعْدِيلِ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِتَخْصِيصِ هَذَا بِالسَّمَاعِ مِنْ مُعَيَّنٍ فَلَا يُقْبَلُ مِنْ الْمُعَدِّلِينَ وَالْمُجَرِّحِينَ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا فُلَانًا وَفُلَانًا يَشْهَدَانِ أَنَّ فُلَانًا عَدْلٌ رِضًى أَوْ غَيْرُ عَدْلٍ نَقَلَهُ الْعَوْفِيُّ عَنْ سَحْنُونٍ، قَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَشْهُودُ عَلَى شَهَادَتِهِ أَشْهَدَهُمْ عَلَى التَّزْكِيَةِ أَوْ التَّجْرِيحِ

وَوَفَّقَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بِتَوْفِيقٍ آخَرَ فَحَمَلَ مَا هُنَا عَلَى شَهَادَتِهِ بِالْقَطْعِ مُعْتَمِدًا عَلَى سَمَاعٍ فَاشِيًا كَانَ أَمْ لَا، وَمَا يَأْتِي عَلَى الشَّهَادَةِ بِالسَّمَاعِ وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ التَّوْفِيقَيْنِ. ابْنُ عَاشِرٍ إذَا كَفَى فِي التَّعْدِيلِ السَّمَاعُ الْفَاشِي ضَاعَتْ هَذِهِ الْقُيُودُ، أَيْ مُعْتَمِدًا عَلَى طُولِ عِشْرَةٍ إلَخْ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمُزَكِّي (مِنْ) أَهْلِ سُوقِهِ أَيْ الْمُزَكَّى بِالْفَتْحِ (أَوْ) أَهْلِ (مَحِلَّتِهِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدَّ اللَّامِ، أَيْ مَحِلِّ حُلُولِ وَسُكْنَى الْمُزَكَّى بِالْفَتْحِ؛ لِأَنَّهُمْ أَدْرَى بِأَحْوَالِهِ. " غ " لَيْسَ الْجَارُّ مُتَعَلِّقًا بِسَمَاعٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ صِفَاتِ تَزْكِيَةٍ بِحَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ مِنْ أَهْلِ سُوقِهِ أَوْ مَحِلَّتِهِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ وَتَزْكِيَةٌ حَاصِلَةٌ مِنْ مَعْرُوفٍ وَمِنْ فَطِنٍ وَمِنْ أَهْلِ سُوقِهِ أَوْ مَحِلَّتِهِ، وَأَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ يُقْبَلُ تَعْدِيلُهُ مِنْ جِيرَانِهِ وَأَهْلِ سُوقِهِ وَمَحِلَّتِهِ لَا مِنْ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ وُقُوفَهُمْ عَنْ تَعْدِيلِهِ مَعَ كَوْنِهِمْ أَقْعَدَ بِهِ رِيبَةٌ فِي تَعْدِيلِهِ (إلَّا لِتَعَذُّرٍ) لِتَزْكِيَتِهِ مِنْ أَهْلِ سُوقِهِ أَوْ مَحِلَّتِهِ لِعَدَمِ تَبْرِيزِهِمْ فَيُقْبَلُ تَعْدِيلُهُ مِنْ غَيْرِهِمْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015