. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ إقَالَةٍ أَوْ حُدُوثِ رِيبَةٍ لِلشَّاهِدِ تَمْنَعُ الْأَدَاءَ فَلَا يَجُوزُ لِهَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ الِاعْتِمَادُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إذَا صَدَرَ بِهِنَّ الشَّاهِدُ، فَالْخَبَرُ كَيْفَ تَقَلَّبَ لَا يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ الْإِخْبَارِ عَنْ الْوَاقِعَةِ الْمَشْهُودِ بِهَا وَالْإِنْشَاءُ لَيْسَ بِخَبَرٍ، وَلِذَا لَا يَحْتَمِلُ التَّصْدِيقَ وَالتَّكْذِيبَ، فَإِذَا قَالَ الشَّاهِدُ أَشْهَدُ بِكَذَا كَانَ إنْشَاءً، وَلَوْ قَالَ شَهِدْت لَمْ يَكُنْهُ. عَكْسُ الْبَيْعِ لَوْ قَالَ أَبِيعُك لَمْ يَكُنْ إنْشَاءً لَهُ، بَلْ وَعْدٌ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ.

وَلَوْ قَالَ بِعْتُك كَانَ إنْشَاءً لِلْبَيْعِ، فَإِنْشَاءُ الشَّهَادَةِ بِالْمُضَارِعِ وَالْعُقُودِ بِالْمَاضِي وَإِنْشَاءُ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ بِالْمَاضِي وَاسْمِ الْفَاعِلِ نَحْوِ أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتَ حُرٌّ وَلَا يَنْشَأُ الْبَيْعُ وَالشَّهَادَةُ بِاسْمِ الْفَاعِلِ، فَلَوْ قَالَ أَنَا شَاهِدٌ بِكَذَا أَوْ أَنَا بَائِعٌ، كَذَا لَمْ يَكُنْ إنْشَاءً.

وَسَبَبُ الْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَوَاطِنِ الْوَضْعُ الْعُرْفِيُّ، فَمَا وَضَعَهُ أَهْلُ الْعُرْفِ لِلْإِنْشَاءِ فَهُوَ إنْشَاءٌ وَمَا لَا فَلَا فَاتُّفِقَ أَنَّهُمْ وَضَعُوا لِلْإِنْشَاءِ الْمَاضِيَ فِي الْعُقُودِ، وَالْمُضَارِعَ فِي الشَّهَادَةِ وَاسْمَ الْفَاعِلِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، فَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ مَوْضُوعَةً لِلْإِنْشَاءِ فِي هَذِهِ الْأَبْوَابِ صَحَّ اعْتِمَادُ الْحَاكِمِ عَلَى الْمُضَارِعِ فِي الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لَهُ صَرِيحٌ فِيهِ، وَالِاعْتِمَادُ عَلَى الصَّرِيحِ هُوَ الْأَصْلُ، وَلَا يُعْتَمَدُ عَلَى غَيْرِهِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْمُرَادِ مِنْهُ، فَإِنْ اتَّفَقَ تَغَيُّرُ الْعُرْفِ وَصَارَ الْمَاضِي مَوْضُوعًا لِإِنْشَاءِ الشَّهَادَةِ وَالْمُضَارِعُ لِإِنْشَاءِ الْعُقُودِ اعْتَمَدَ الْحَاكِمُ عَلَى الْعُرْفِ الطَّارِئِ، وَلَا يَعْتَمِدُ عَلَى الْعُرْفِ الْأَوَّلِ الَّذِي تُرِكَ فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ نَاشِئٌ عَنْ الْعَوَائِدِ وَتَابِعٌ لَهَا، وَأَنَّهُ يَنْقَلِبُ وَيَنْتَسِخُ بِتَغَيُّرِهَا وَانْقِلَابِهَا فَلَا يَبْقَى بَعْدَ هَذَا خَفَاءٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ مَا تُؤَدَّى بِهِ الشَّهَادَةُ وَمَا لَا تُؤَدَّى بِهِ اهـ. طفى جَعْلُهُ أَشْهَدُ إنْشَاءً لَا يَصِحُّ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا، لِقَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ الشَّهَادَةُ خَبَرٌ قَاطِعٌ تَقُولُ مِنْهُ شَهِدَ فُلَانٌ عَلَى كَذَا، وَقَوْلُ ابْنِ فَارِسٍ فِي مُجْمَلِهِ الشَّهَادَةُ خَبَرٌ عَنْ عِلْمٍ، وَقَوْلُ فَخْرِ الدَّيْنِ أَشْهَدُ إخْبَارٌ عَنْ الشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحُكْمُ الذِّهْنِيُّ الْمُسَمَّى كَلَامَ النَّفْسِ، وَكَذَا هُوَ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ لِوَصْفِ الشَّاهِدِ بِالصِّدْقِ وَالزُّورِ، وَهُمَا مِنْ عَوَارِضِ الْخَبَرِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا اخْتَارَهُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ مِنْ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُخْبَرُ عَنْهُ عَامًّا فَهِيَ الرِّوَايَةُ، وَإِنْ كَانَ خَاصًّا فَهِيَ الشَّهَادَةُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015