وَأُمِرَ مُدَّعٍ تَجَرَّدَ قَوْلُهُ عَنْ مُصَدِّقٍ بِالْكَلَامِ، وَإِلَّا فَالْجَالِبُ؛ وَإِلَّا أَقُرِعَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقِرَاءَةِ مَنْ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ عَلَى غَيْرِهِ لِتَحْصِيلِ كَثْرَةِ الْمَنَافِعِ عَلَى قِلَّتِهَا، وَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ الطَّالِبُ الَّذِي لَا قَابِلِيَّةَ لَهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّمَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ. وَفِي الْحَطّ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْأَحَبَّ إنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ وَلَا عُرْفٌ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ.
(وَأُمِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (مُدَّعٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا، أَيْ أَمَرَهُ الْقَاضِي وَنَعَتَهُ بِنَعْتٍ كَاشِفٍ حَقِيقَتَهُ فَقَالَ (تَجَرَّدَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ خَلَا (قَوْلُهُ عَنْ مُصَدِّقٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا، وَصِلَةُ أُمِرَ (بِالْكَلَامِ) وَيَأْمُرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالسُّكُوتِ حَتَّى يَتِمَّ كَلَامُ الْمُدَّعِي. ابْنُ عَرَفَةَ الْمُدَّعِي مَنْ عَرِيَتْ دَعْوَاهُ عَنْ مُرَجِّحٍ غَيْرِ شَهَادَةٍ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ اقْتَرَنَتْ دَعْوَاهُ بِهِ، فَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمُدَّعِي مَنْ تَجَرَّدَ قَوْلُهُ عَنْ مُصَدِّقٍ يَبْطُلُ عَكْسُهُ بِالْمُدَّعِي وَمَعَهُ بَيِّنَتُهُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ شَاسٍ، وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ الْمُدَّعِي مَنْ قَالَ قَدْ كَانَ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ قَالَ لَمْ يَكُنْ، وَمَنْ عَرَفَهُمَا لَا يَلْتَبِسُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ. ابْنُ رُشْدٍ لَيْسَ هَذَا عَلَى عُمُومِهِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ، إنَّمَا يَصِحُّ إذَا تَجَرَّدَتْ دَعْوَى الْمُدَّعِي فِي قَوْلِهِ قَدْ كَانَ مِنْ سَبَبٍ يَدُلُّ عَلَى صِدْقِ دَعْوَاهُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ سَبَبٌ يَدُلُّ عَلَى تَصْدِيقِ دَعْوَاهُ أَقْوَى مِنْ سَبَبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْقَائِلُ لَمْ يَكُنْ كَمَنْ حَازَ شَيْئًا عَنْ غَيْرِ مُدَّةِ الْحِيَازَةِ. فِي وَجْهٍ مُدَّعِي الشَّرِكَةِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَهُوَ يَقُولُ قَدْ كَانَ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَقُولُ لَمْ يَكُنْ، وَكَذَا الْمُودِعُ يَدَّعِي فِي الْوَدِيعَةِ الْقَوْلُ قَوْلُهُ وَهُوَ يَقُولُ قَدْ كَانَ الْمُودِعُ يَقُولُ لَمْ يَكُنْ.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لِلْقَاضِي الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ مُدَّعٍ وَالْآخَرَ مُدَّعًى عَلَيْهِ (فَالْجَالِبُ) صَاحِبَهُ لِلْقَاضِي هُوَ الَّذِي يُؤْمَرُ بِالْكَلَامِ أَوَّلًا لِدَلَالَةِ جَلْبِهِ عَلَى أَنَّهُ الْمُدَّعِي (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْجَالِبُ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ الْمُدَّعِي (أَقْرَعَ) الْقَاضِي بَيْنَهُمَا، قَالَهُ ابْنُ شَعْبَانَ وَلِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يُقَدِّمُ أَيَّهمَا شَاءَ. الشَّيْخُ لِأَشْهَبَ فِي الْمَجْمُوعَةِ إنْ جَلَسَ الْخَصْمَانِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ مَالَكُمَا أَوْ مَا خُصُومَتُكُمَا أَوْ يَسْكُتَ لِيَبْتَدِيَاهُ، فَإِنْ تَكَلَّمَ الْمُدَّعِي أَسْكَتَ الْآخَرَ حَتَّى يَسْمَعَ حُجَّةَ الْمُدَّعِي،