كَالْمُفْتِي، وَالْمُدَرِّسِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَازِرِيُّ إنْ كَانَ الْحُكْمُ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ أَبْعَدَ عَنْهَا مَنْ لَا خِصَامَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ مِنْ الرِّجَالِ. قُلْت وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْعُدَ عَنْهَا خَصْمُهَا أَقْصَى مَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْمَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا حُجَّةَ خَصْمِهِ أَوْ أَقْصَى مَا يَسْمَعُ الْحَاكِمُ مِنْهُمَا وَيَذْكُرُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا قَوْلَ صَاحِبِهِ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ لِسُرْعَةِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ شَابَّةً لَهَا جَمَالٌ وَيَخَافُ إنْ تَكَلَّمَتْ افْتَتَنَ بِهَا مَنْ يَسْمَعُ كَلَامَهَا أَمَرَهَا أَنْ تُوَكِّلَ مَنْ يَنُوبُ عَنْهَا فِي الْكَلَامِ، وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهَا فِي دَارِهَا مَنْ تُؤْمَنُ نَاحِيَتُهُ لِسِنِّهِ وَدِينِهِ وَوَرَعِهِ مِمَّنْ يُكَلِّفُهُ الْحُكُومَةُ فِي أَمْرِهَا فَعَلَ، وَقَدْ حَضَرَتْ الْغَامِدِيَّةُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أَقَرَّتْ بِالزِّنَا فَأَمَرَ بِرَجْمِهَا وَقَالَ فِي الْمَرْأَةِ الْأُخْرَى اُغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا، فَلَمْ يَأْمُرْ بِإِحْضَارِهَا. الشَّيْخُ عَنْ أَصْبَغَ إنْ كَانَ فِي أَعْوَانِ الْقَاضِي ثِقَةٌ قَدَّمَهُ لِلْخُصُومَةِ بَيْنَهُنَّ فِي مَنَازِلِهِنَّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَهُوَ نَفْسُهُ.

وَشَبَّهَ فِي تَقْدِيمِ الْمُسَافِرِ وَمَا يُخْشَى فَوَاتُهُ ثُمَّ السَّابِقِ ثُمَّ الْإِقْرَاعِ وَإِفْرَادِ النِّسَاءِ بِزَمَنٍ فَقَالَ (كَالْمُفْتِي) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ (وَالْمُدَرِّسِ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ وَكَذَا الْمُفْتِي وَالْمُدَرِّسُ عِنْدَ التَّزَاحُمِ. قُلْت لَمْ أَعْرِفْ هَذَا نَصًّا لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ إنَّمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي وَجِيزِهِ وَتَخْرِيجُهُمَا عَلَى حُكْمِ تَزَاحُمِ الْخُصُومِ وَاضِحٌ، وَكَذَا عَلَى سَمَاعِ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ أَحَبُّ إلَيَّ فِي الصَّانِعِ الْخَيَّاطِ يَدْفَعُ النَّاسُ إلَيْهِ ثِيَابَهُمْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ أَنْ يَبْدَأَ بِالْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ، وَلَمْ أَسْمَعْ فِيهِ شَيْئًا وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ وَاسِعًا إنْ كَانَ الشَّيْءُ الْخَفِيفُ الرُّقْعَةَ وَنَحْوَهَا.

ابْنُ رُشْدٍ جَعَلَ الِاخْتِيَارَ تَقْدِيمَ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ دُونَ إيجَابٍ عَلَيْهِ، إذْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ عَمَلُهُ فِي يَوْمٍ بِعَيْنِهِ، وَكَذَا قَالَ الْأَخَوَانِ لَا بَأْسَ أَنْ يُقَدِّمَ الصَّانِعُ مَنْ أَحَبَّ مَا لَمْ يَقْصِدْ مَطْلًا، وَكَذَا قَالَ فِي الرَّحَى وَلِسَحْنُونٍ لَا يُقَدِّمُ صَاحِبُ الرَّحَى أَحَدًا عَلَى مَنْ أَتَى قَبْلَهُ إنْ كَانَتْ سُنَّةُ الْبَلَدِ الطَّحْنَ عَلَى الدَّوْلَةِ، فَإِنْ تَحَاكَمُوا قَضَى بَيْنَهُمْ بِسُنَّتِهِمْ وَلَيْسَ قَوْلُ سَحْنُونٍ خِلَافًا لِقَوْلِ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْعُرْفَ كَالشَّرْطِ. قُلْت وَجَرَتْ عَادَةُ مُدَرِّسِي تُونُسَ فِي الْأَكْثَرِ بِتَقْدِيمِ قِرَاءَةِ التَّفْسِيرِ عَلَى الْحَدِيثِ، وَتَقْدِيمِ الْحَدِيثِ عَلَى الْفِقْهِ. الْبُرْزُلِيُّ وَعَلَى هَذَا يَأْتِي التَّقْدِيمُ فِي طَبْخِ الْخُبْزِ وَالْقِرَاءَةِ وَسَائِرِ الصَّنَائِعِ إنْ كَانَ عُرْفٌ عَمِلَ بِهِ وَالْأَقْدَمُ الْآكَدُ فَالْآكَدُ، وَيُقَدِّمُ فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015