وَلْيُبَرَّأْ عَنْ غَيْرِ سُخْطٍ وَخَفِيفِ تَعْزِيرٍ بِمَسْجِدٍ لَا حَدٍّ
وَجَلَسَ بِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمُطَرِّفٌ لَيْسَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَعْزِلَ قَاضِيهِ بِالشَّكِيَّةِ إذَا كَانَ عَدْلًا وَإِنْ وَجَدَ مِنْهُ بَدَلًا. ابْنُ عَرَفَةَ يَجِبُ تَفَقُّدُ الْإِمَامِ حَالَ قُضَاتِهِ فَيَعْزِلُ مَنْ فِي بَقَائِهِ مَفْسَدَةٌ وُجُوبًا فَوْرًا وَمَنْ يُخْشَى مِنْهُ مَفْسَدَةٌ اسْتِحْبَابًا وَمَنْ غَيْرُهُ أَوْلَى مِنْهُ عَزْلُهُ رَاجِحٌ.
(وَلْيُبْرِئْ) الْإِمَامُ أَوْ الْأَمِيرُ مَنْ عَزَلَهُ (عَنْ غَيْرِ سُخْطٍ) أَصْبَغُ لَا بَأْسَ إذَا عَزَلَهُ أَنْ يُخْبِرَ النَّاسَ بِبَرَاءَتِهِ كَمَا فَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِشُرَحْبِيلَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَقَالَ لَهُ أَعَنْ سُخْطٍ عَزَلْتنِي؟ قَالَ لَا، وَلَكِنْ وَجَدْت مَنْ هُوَ مِثْلُك فِي الصَّلَاحِ وَأَقْوَى عَلَى عَمَلِنَا مِنْك فَلَمْ أَرَ يَحِلُّ لِي إلَّا ذَلِكَ، فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّ عُزُلَتَك عَيْبٌ فَأَخْبِرْ النَّاسَ بِأَمْرِي فَفَعَلَ، فَإِنْ عَمَّ التَّشَكِّي بِالْقَاضِي عَزَلَهُ وَأَوْقَفَهُ لِلنَّاسِ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَأْتِي كُلُّ أَحَدٍ بِمَظْلِمَتِهِ وَشَكْوَاهُ. الْحَطّ مَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ شُهِرَ عَدْلًا أَنَّ غَيْرَ الْمَشْهُورِ عَدَالَتُهُ يُعْزَلُ بِمُجَرَّدِ الشَّكِيَّةِ، وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ، وَنَصُّهُ وَعَزْلُهُ بِالشِّكَايَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا بِالْعَدَالَةِ فِي وُجُوبِهِ بِهَا أَوْ الْكَتْبِ إلَى صَالِحِي بَلَدِهِ لِيَكْشِفُوا عَنْ حَالِهِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى مَا يَجِبُ وَإِلَّا عُزِلَ. ثَالِثُهَا إنْ وَجَدَ بَدَلَهُ وَإِلَّا فَالثَّانِي لِلشَّيْخِ عَنْ أَصْبَغَ وَغَيْرِهِ وَمُطَرِّفٍ.
(وَ) جَازَ (خَفِيفُ تَعْزِيرٍ) مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَخَمْسَةِ وَعَشْرَةِ الْأَسْوَاطِ (بِمَسْجِدٍ) لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ السَّلَامَةِ مِنْ خُرُوجِ نَجَسٍ (لَا) يَجُوزُ (حَدٌّ) وَتَعْزِيرٌ شَدِيدٌ بِهِ. فِيهَا لَا بَأْسَ بِيَسِيرِ الْأَسْوَاطِ أَدَبًا فِي الْمَسْجِدِ، وَأَمَّا الْحُدُودُ وَشِبْهُهَا فَلَا. أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إهَانَةً لَهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} [النور: 36] وَقَوْلُهُ وَشِبْهُهَا يَعْنِي التَّعْزِيرَاتِ الْكَثِيرَةَ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ فِي التَّوْضِيحِ مُحْتَمِلٌ لِلْمَنْعِ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ إلَى أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ مَا يُنَجِّسُ الْمَسْجِدَ وَالْكَرَاهَةُ تَنْزِيهًا لَهُ.
(وَجَلَسَ) الْقَاضِي (بِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ لِلْقَضَاءِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْقَضَاءُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ الْحَقِّ وَهُوَ مِنْ الْأَمْرِ الْقَدِيمِ لِأَنَّهُ يُرْضَى فَلَهُ بِالدُّونِ مِنْ الْمَجْلِسِ، وَتَصِلُ إلَيْهِ فِيهِ الْمَرْأَةُ وَالضَّعِيفُ، وَإِنْ احْتَجَبَ فَلَا يَصِلُ إلَيْهِ النَّاسُ. وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ يَجْلِسُ بِرِحَابِ الْمَسْجِدِ خَارِجَةً عَنْهُ. اللَّخْمِيُّ هَذَا أَحْسَنُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ رَفْعَ