وَالْفَتْوَى وَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ عِنْدَ بَعْضِ غَيْرِ الْمَالِكِيَّةِ أَيْ؛ لِأَنَّ شَارِحَ الْمَطَالِعِ وَهُوَ الْقُطْبُ الرَّازِيّ وَمُحْشِيَةُ السَّيِّدِ لَيْسَا مَالِكِيَّيْنِ، بَلْ، وَلَا مِنْ الْفُقَهَاءِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يُحْتَجُّ عَلَى وُجُوبِهِ بِكَلَامِهِمَا. وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَوَقُّفِ الْعَقَائِدِ عَلَيْهِ وَتَوَقُّفِ إقَامَةِ الدَّيْنِ عَلَيْهَا غَيْرُ صَحِيحٍ، وَقَدْ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَجَمِيعُ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِنْ السَّلَفِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - إلَى أَنَّ عِلْمَ الْكَلَامِ وَالْجَدَلِ بِدْعَةٌ وَحَرَامٌ، وَأَنَّ الْعَبْدَ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ بِكُلِّ ذَنْبٍ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَلْقَاهُ بِعِلْمِ الْكَلَامِ اهـ.
وَنَهَى عَنْ قِرَاءَةِ الْمَنْطِقِ الْبَاجِيَّ وَابْنِ الْعَرَبِيِّ وَعِيَاضٌ وَقَالَ الشَّاطِبِيُّ فِي الْمُوَافَقَاتِ فِي الْقَضَايَا الشَّرْعِيَّةِ إنَّ عِلْمَ الْمَنْطِقِ مُنَافٍ لَهَا؛ لِأَنَّ الشَّرِيعَةَ لَمْ تُوضَعْ إلَّا عَلَى الشَّرِيعَةِ الْأُمِّيَّةِ اهـ. وَقَالَ فِي الْإِحْيَاءِ مَعْرِفَةُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا تَحْصُلُ مِنْ عِلْمِ الْكَلَامِ بَلْ يَكَادُ الْكَلَامُ يَكُونُ حِجَابًا عَنْهَا وَمَانِعًا مِنْهَا، وَقَالَ أَيْضًا لَيْسَ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ عَقَائِدِ الدَّيْنِ إلَّا الْعَقِيدَةُ الَّتِي يُشَارِكُ فِيهَا الْعَوَامَّ، وَإِنَّمَا يَتَمَيَّزُ عَنْهُمْ بِصَنْعَةِ الْمُجَادَلَةِ اُنْظُرْ سُنَنَ الْمُهْتَدِينَ وَحِينَئِذٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَنْطِقُ مَنْهِيًّا عَنْهُ فَلَا أَقَلَّ أَنْ يَكُونَ جَائِزًا كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ السُّبْكِيّ وَغَيْرُهُ. وَأَمَّا الْوُجُوبُ فَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ مَنْ كَانَ فِيهِ مَوْضِعٌ لِلْإِمَامَةِ وَالِاجْتِهَادِ فَطَلَبُ الْعِلْمِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ يَعْنِي أَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى مَنْ ظَهَرَتْ فِيهِ الْقَابِلِيَّةُ، وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ. ابْنُ نَاجِي وَالنَّفْسُ إلَيْهِ أَمْيَلُ وَجَعَلَهُ شَيْخُنَا أَبُو مَهْدِيٍّ الْمَذْهَبَ قَائِلًا: لَا أَعْرِفُ خِلَافَهُ.
(وَ) الْقِيَامُ بِ (الْفَتْوَى) أَيْ الْإِخْبَارِ بِالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ لَفْظًا أَوْ كَتْبًا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْإِلْزَامِ (وَ) الْقِيَامُ بِدَفْعِ (الضَّرَرِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ) وَنُسْخَةُ " غ " وَالدَّرْءُ مَصْدَرُ دَرَأَ أَيْ الدَّفْعُ أَوْلَى لِعَدَمِ احْتِيَاجِهَا لِتَقْدِيرٍ وَيَلْحَقُ بِالْمُسْلِمِينَ مَنْ فِي حُكْمِهِمْ كَأَهْلِ الذِّمَّةِ وَالدَّفْعُ بِإِطْعَامِ جَائِعٍ وَسَتْرِ عَوْرَةٍ حَيْثُ لَمْ تَفِ الصَّدَقَاتُ، وَلَا بَيْتُ الْمَالِ بِذَلِكَ، وَإِذَا أَخَذَ لِصٌّ مَالَ غَيْرِك وَسَلَّمَ مَالَك فَعَلَيْك مُعَاوَنَتُهُ وَوَرَدَ فِي مُنْتَقَمٍ مِنْهُ، «قَالَ: لَعَلَّهُ رَأَى مَظْلُومًا فَلَمْ يَنْصُرْهُ» ، وَوَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مَنْ قَدَرَ عَلَى دَفْعِ مَضَرَّةٍ ابْنُ عَرَفَةَ خَوْفُ الْعَزْلِ مِنْ الْخِطَّةِ لَيْسَ مَضَرَّةً.