ثُمَّ شَرْعِيٌّ
وَحَنِثَ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ. وَلَا بِسَاطٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ وَهُوَ كُلُّ مَا دَبَّ أَيْ مَشَى فَيَحْنَثُ بِرُكُوبِ الْآدَمِيِّ وَالطَّيْرِ وَالتِّمْسَاحِ وَكُلِّ مَا دَبَّ، وَكَحَلِفِهِ لَا يُصَلِّي وَلَا عُرْفَ لَهُمْ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَيَحْنَثُ بِالدُّعَاءِ. فَإِنْ تَعَدَّدَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ لِلَّفْظِ كَالْمُشْتَرَكِ حُمِلَ عَلَى أَظْهَرِ مَعَانِيهِ، فَإِنْ اسْتَوَتْ جَرَى عَلَى الْخِلَافِ فِي مُجْتَهِدٍ تَعَارَضَتْ عِنْدَهُ أَدِلَّةٌ بِلَا تَرْجِيحٍ، فَقِيلَ يَأْخُذُ بِالْأَثْقَلِ وَقِيلَ بِالْأَخَفِّ، وَقِيلَ بِمَا شَاءَ، فَالْمُرَادُ بِالتَّخْصِيصِ وَالتَّقْيِيدِ هُنَا مُطْلَقُ الْحَمْلِ لَا الْمَعْنَيَانِ السَّابِقَانِ لِانْتِفَائِهِمَا هُنَا.
(ثُمَّ) إنْ عُدِمَ مَا ذَكَرَ خَصَّصَ الْعَامَّ وَقَيَّدَ الْمُطْلَقَ مَقْصَدٌ (شَرْعِيٌّ) ابْنُ فَرْحُونٍ إنْ كَانَ الْحَالِفُ صَاحِبَ شَرْعٍ أَوْ الْحَلِفُ عَلَى شَيْءٍ شَرْعِيٍّ كَحَلِفِهِ لَيُصَلِّيَنَّ أَوْ لِيَتَوَضَّأَنَّ وَكَحَلِفِهِ لَا أُكَلِّمُ رَجُلًا فَلَا يَحْنَثُ بِكَلَامِ صَبِيٍّ، وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ تَقْدِيمُ الْمَقْصَدِ الشَّرْعِيِّ عَلَى الْمَقْصَدِ اللُّغَوِيِّ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَسَافَرَ الْقَصْرَ فِي لَأُسَافِرَنَّ، بَلْ وَعَلَى الْمَقْصَدِ الْعُرْفِيِّ كَمَا فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ الَّذِي نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ مَيَّارَةُ. وَوُجِّهَ بِأَنَّهُ نَاسِخٌ لَهُ، وَاسْتَشْكَلَ مَا هُنَا بِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُ مَعْنًى شَرْعِيٍّ بِدُونِ مَعْنًى لُغَوِيٍّ إذْ الشَّرْعِيُّ فَرْدُ اللُّغَوِيِّ غَالِبًا أَوْ مُسَاوٍ لَهُ كَالظُّلْمِ فَإِنَّهُ تَجَاوُزُ الْحَدِّ لُغَةً وَشَرْعًا.
وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُعَرَّبَ وَهُوَ لَفْظٌ غَيْرُ عَلَمٍ اسْتَعْمَلَتْهُ الْعَرَبُ فِيمَا وُضِعَ هُوَ لَهُ فِي غَيْرِ لُغَتِهِمْ عَلَى الْقَوْلِ بِوُقُوعِهِ فِي الْقُرْآنِ لَهُ مَدْلُولٌ شَرْعِيٌّ لَيْسَ لَهُ مَدْلُولٌ لُغَوِيٌّ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّرْعِيِّ مَا اسْتَعْمَلَهُ الشَّارِعُ لَا مَا وَضَعَهُ أَهْلُ الشَّرْعِ فَإِذَا حَلَفَ لَا وَزْنَ بِالْقِسْطَاسِ حَنِثَ بِوَزْنِ الْمِيزَانِ إذْ هُوَ مَعْنَى الْقِسْطَاسِ شَرْعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْنَاهُ لُغَةً لَا يُقَالُ الْمَدْلُولُ الشَّرْعِيُّ مَدْلُولٌ عُرْفِيٌّ فَيَتَكَرَّرُ مَعَهُ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمَدْلُولُ الْعُرْفِيُّ يُطْلَقُ عَلَى الْعُرْفِ الْخَاصِّ كَالشَّرْعِيِّ وَالنَّحْوِيِّ وَعَلَى الْعُرْفِ الْعَامِّ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الثَّانِي.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ مِنْ النِّيَّةِ وَمَا بَعْدَهَا شَرَعَ فِي فُرُوعٍ تَنْبَنِي عَلَى تِلْكَ الْأُصُولِ وَهِيَ فِي نَفْسِهَا أُصُولٌ أَيْضًا، وَقَاعِدَتُهُ غَالِبًا الْإِتْيَانُ بِالْبَاءِ لِلْحِنْثِ وَبِ لَا لِعَدَمِهِ فَقَالَ (وَحَنِثَ) الْحَالِفُ فِي يَمِينِهِ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ غَيْرِهِ (إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ) أَيْ الْحَالِفِ (نِيَّةٌ) تُخَصِّصُ لَفْظَهُ الْعَامَّ وَتُقَيِّدُ لَفْظَهُ الْمُطْلَقَ (وَلَا) لِيَمِينِهِ (بِسَاطٌ) أَيْ قَرِينَةٌ مُخَصِّصَةٌ