ثُمَّ عُرْفٌ قَوْلِيٌّ ثُمَّ مَقْصِدٌ لُغَوِيٌّ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQحَلَفْت لِلزِّحَامِ وَلَمْ تَعْلَمْهُ الْبَيِّنَةُ طُلِّقَ عَلَيْهِ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ اهـ.
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُهُ وَلَوْ مَعَ مُرَافَعَةٍ فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ مُعَيَّنٍ لَكِنْ بِشَرْطِ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ.
(ثُمَّ) بَعْدَ الْبِسَاطِ يُخَصِّصُ الْعَامَّ وَيُقَيِّدُ الْمُطْلَقَ (عُرْفٌ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ اصْطِلَاحٌ (قَوْلِيٌّ) أَيْ عَادَةُ عَامَّةِ النَّاسِ فِي اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ الْعَامِّ أَوْ الْمُطْلَقِ، فَيُحْمَلُ الْعَامُّ أَوْ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي جَرَى عُرْفُهُمْ بِاسْتِعْمَالِهِ فِيهِ لِأَنَّهُ مَقْصُودُ الْحَالِفِ غَالِبًا. وَلِأَنَّ كُلَّ مُتَكَلِّمٍ بِلُغَةٍ يَجِبُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي يَسْتَعْمِلُ أَهْلُ تِلْكَ اللُّغَةِ فِيهِ ذَلِكَ اللَّفْظَ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، كَاخْتِصَاصِ الدَّابَّةِ بِالْحِمَارِ بِمِصْرَ وَبِأُنْثَاهُ فِي قَنْصَةَ وَبِالْفَرَسِ فِي الْعِرَاقِ قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ. وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْحِمَارُ مِنْ مَرَاكِبِهِ إذْ الْفَرْضُ عَدَمُ النِّيَّةِ دُونَ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَاخْتِصَاصُ الْمَمْلُوكِ بِالْأَبْيَضِ وَالدِّرْهَمِ بِفَلْسِ النُّحَاسِ، وَقُدِّمَ الْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ عَلَى الْمَقْصِدِ اللُّغَوِيِّ لِأَنَّ الْعُرْفَ الْقَوْلِيَّ بِمَنْزِلَةِ النَّاسِخِ اللُّغَوِيِّ وَالنَّاسِخُ يُقَدَّمُ عَلَى الْمَنْسُوخِ.
وَاحْتَرَزَ بِالْقَوْلِيِّ عَنْ الْعُرْفِ الْفِعْلِيِّ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي هَذَا الْبَابِ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَمْ يَتَجَاوَزْ مَعْنَاهُ إلَى فِعْلِهِمْ عِنْدَهُمْ كَحَلِفِهِ لَا آكُلُ خُبْزًا وَهُوَ اسْمٌ لِكُلِّ مَخْبُوزٍ فِي عُرْفِهِمْ، فَإِذَا كَانَ أَهْلُ بَلَدِهِ لَا يَصْنَعُونَ الْخُبْزَ إلَّا مِنْ الْقَمْحِ فَلَا يُخَصِّصُ عُرْفُهُمْ الْخُبْزَ فِي الْيَمِينِ بِخُبْزِ الْقَمْحِ فَيَحْنَثُ بِأَكْلِهِ مِنْ كُلِّ مَخْبُوزٍ قَالَهُ الْقَرَافِيُّ وَغَيْرُهُ، وَتَبِعَهُمْ الْمُصَنِّفُ هُنَا. وَفِي التَّوْضِيحِ وَنَقَلَ فِيهِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ ظَاهِرَ مَسَائِلِ الْفُقَهَاءِ اعْتِبَارُ الْعُرْفِ وَإِنْ كَانَ فِعْلِيًّا، وَنَقَلَ الْوَانُّوغِيُّ عَنْ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ صَرَّحَ بِأَنَّ الْعُرْفَ الْفِعْلِيَّ يُعْتَبَرُ مُخَصِّصًا وَمُقَيِّدًا؛ قَالَ وَبِهِ يُرَدُّ مَا زَعَمَهُ الْقَرَافِيُّ وَقَدْ صَرَّحَ اللَّخْمِيُّ أَيْضًا بِاعْتِبَارِهِ. وَفِي الْقَلْشَانِيِّ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَوْلِيِّ وَالْفِعْلِيِّ فِي ظَاهِرِ مَسَائِلِ الْفُقَهَاءِ. وَقِيلَ لَا يُعْتَبَرُ إلَّا الْقَوْلِيُّ.
(ثُمَّ) إنْ عُدِمَ مَا ذَكَرَ يُخَصِّصُ الْعَامَّ وَيُقَيِّدُ الْمُطْلَقَ (مَقْصَدٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ قَالَهُ أَحْمَدُ وَنَحْوُهُ فِي الْمِصْبَاحِ أَيْ مَقْصُودٌ (لُغَوِيٌّ) أَيْ الْمَعْنَى الَّذِي اسْتَعْمَلَتْ الْعَرَبُ اللَّفْظَ فِيهِ كَحَلِفِهِ لَا رَكِبَ دَابَّةً، وَلَيْسَ لِأَهْلِ بَلَدِهِ عُرْفٌ بِإِطْلَاقِهَا عَلَى شَيْءٍ خَاصٍّ فَتُحْمَلُ عَلَى