ينامُ الليلَ كلُّ خليِّ همٍّ ... وتأبى العينُ مني أن تناما

أراعي التالياتِ من الثريا ... ودمعُ العينِ منحدرٌ سجاما

على حينِ ارعويتُ وكانَ رأسي ... كأنَّ على مفارقهِ ثغاما

سعى الواشون حتى أزعجوها ... ورثَّ الحبلُ فانجذمَ انجذاما

فلستُ بزائلٍ ما دمتُ حيا ... مسراً من تذكرها هياما

ترجيها وقد شطت نواها ... ومنتكَ المنى عاماً فعاما

خدلجةٌ لها كفلٌ وبوصٌ ... ينوءُ بها إذا قامت قياما

مخصرةٌ ترى في الكشحِ منها ... على تثقيلِ أسفلها انهضاما

لها بشرٌ نقيُّ اللونِ صافٍ ... وأخلاقٌ يشينُ بها اللئاما

ونحرٌ زانهُ درُّ حليٌّ ... وياقوتٌ يضمنهُ النظاما

إذا ابتسمت تلألأ ضوءُ برقٍ ... تهللَ في الدجنةِ ثمَّ داما

وإن مالَ الضجيعُ فدعصُ رملٍ ... تداعى كانَ ملتبداً هياما

وإن قامت تأملَ من رآها ... غمامةَ صيفٍ ولجت غماما

وإن جلست فدميةُ بيتِ عيدٍ ... تصانُ فلا ترى إلا لماما

إذا تمشي تقولُ دبيبَ سيلٍ ... تعرجَ ساعةً ثمَّ استقاما

فلو أشكو الذي أشكو إليها ... إلى حجرٍ لراجعني الكلاما

أحبُّ دنوها وتحبُّ نأيي ... وتعتامُ الثناء لها اعتياما

كأني من تذكرِ أمِّ بكرٍ ... جريحُ أسنةٍ يشكو كلاما

تساقطُ أنفساً نفسي عليها ... إذا سخطت وتغتمُّ اغتماما

غشيتُ لها منازلَ مقفراتٍ ... عفت إلا أياصرَ أو ثماما

ونؤياً قد تهدم جانباهُ ... ومبناها بذي سلمِ الخياما

كأنَّ البختريةَ أمُّ خشفٍ ... تربعتِ الجنينةَ فالسلاما

تطوفُ بواضحِ الذفرى إذا ما ... تخلفَ ساعةً بغمت بغاما

صليني واعلمي أني كريمٌ ... وأنَّ حلاوتي خلطت عراما

وأني ذو مدافعةٍ صليبٌ ... خلقتُ لمن يضارسني لجاما

فلا وأبيكِ لا أنساكِ حتى ... تجاورَ هامتي في القبر هاما

لقد علمت بنو الشداخِ أني ... إذا زاحمتُ اضطلعُ الزحاما

فلستُ بشاعرِ السفسافِ منهم ... ولا الجاني إذا أشرَ الظلاما

ولكني إذا حاربتُ قوماً ... عبأتُ لهم مذكرةً عقاما

أقي عرضي إذا لم أخشَ ظلماً ... طغامَ الناسِ إنَّ لهم طغاما

إذا ما البيتُ لم تشدد بشيءِ ... قواعدُ فرعه انهدمَ انهداما

سأهدي لابنِ ربعيٍّ ثنائي ... ومما أن أخصَّ بهِ الكراما

لعكرمةُ بن ربعي إذا ما ... تساقا القومُ بالأسلِ السماما

أشدُّ حفيظةً من ليثِ غابٍ ... تخالُ زئيرهُ اللجبَ اللهاما

أخو ثقةٍ يرى يبني المعالي ... يضيمُ ويحتمي من أن يضاما

يرى قولاً نعم حقاً عليهِ ... وقولاً لا لسائلهِ حراما

فتى لا يرزأ الخلانَ إلاَّ ... ثناءهمُ يرى بالبخلِ ذاما

كأنَّ قدورهُ من رأسِ ميلٍ ... على علياءَ مشرفةٍ نعاما

تظلُّ الشارفُ الكوماءُ فيها ... مطبقةً مفاصلها عظاما

يحشُّ وقودها بعظامِ أخرى ... فلا ينفكُّ يحتدمُ احتداما

كأنَّ الطائفينَ بها صوادٍ ... رأت ريا وقد وردت حياما

لو أنَّ الحوشبينِ لهُ لكانا ... لمن يغشى سرادقهُ طعاما

لقد جاريتما يا ابني رويمٍ ... هزيمَ الغربِ ينثلمُ انثلاما

يقصرُ سعيُ أقوامٍ كرامٍ ... ويأبى مجدهُ إلا تماما

له بحرٌ تغمدَ كلَّ بحرٍ ... فما عدلَ الدوارجَ والسناما

يرى للضيفِ والجيرانِ حقاً ... ويرعى في صحابتهِ الذماما

إذا بردَ الزمانُ أهانَ فيه ... على الميسورِ والعسرِ السواما

يسابقُ بالتلادِ إلى المعالي ... حمامَ النفسِ إن لها حماما

أغرُّ تكشفُ الظلماءُ عنهُ ... يفرُّ من الملامةِ أن يلاما

نما ونمت بهم أعراقُ صدقٍ ... وحيٌّ كان أولهم زماما

كأنَّ الجارَ حين يحلُّ فيهم ... على الشمِّ البواذخِ من شماما

يقيمونَ الضرابَ لمن أتاهم ... ونارُ الحربِ تضطرمُ اضطراما

هو المعطي الكرامَ وكلًّ عنسٍ ... صموتٍ في السرى تقصُّ الإكاما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015