وأنتمُ معشرٌ زيدٌ على مئةٍ ... فأجمعوا أمركم شتى فكيدوني

فإن علمتم سبيلَ الرشدِ فانطلقوا ... وإن جهلتم طريقَ الرشدِ فأتوني

يا ربَّ ثوبٍ حواشيهِ كأوسطهِ ... لا عيبَ في الثوبِ من حسنٍ ومن لينِ

يوماً شددتُ على فوهاءَ فاهقةٍ ... يوماً من الدهرِ تاراتٍ تواتني

قد كنتُ أعطيكمُ مالي وأمنحكم ... ودي على مثبتٍ في الصدرِ مكنونِ

يا ربَّ حيٍّ شديدِ الشغب ذي لجبٍ ... ذعرتُ من راهنٍ منكم ومرهونِ

رددتُ باطلهم من رأسِ قائلهم ... حتى يظلوا خصوماً ذا أفانينِ

يا صاحِ لو لنتَ لي ألفيتني يسراً ... سمحاً كريماً أجازي من يجازيني

عروة بن أذينة

وقال عروة بن أذينة الكناني:

أعرصةُ الدارِ أم توهمها ... هاجتكَ أم غلةٌ تجمجمها

من حبِّ سعدى شقت عليكَ وقد ... شطت نواها وغارَ قيمها

وأصبحت لا تزارُ صارمةً ... من غيرِ ذنبٍ من ليسِ يصرمها

حدت نبالي عنها وما نفعت ... وألحقت بالفؤادِ أسهمها

يومَ تراءت كأنها أصلاً ... مزنةُ بحرٍ يخفى تبسمها

حينَ توسمتها فأرمضني ... بعدَ اندمالٍ مني توسمها

تجلو شتيتاً أغرَّ ريقته ... معسولةٌ طيبٌ تنسمها

كأنَّ مستانها تلمُّ بهِ ... لطايمُ المسكِ حينَ يلثمها

دوايةُ المقلتينِ مشرقةٌ ... بالحسنِ يجري في مائها دمها

كفضةِ الكنزِ أشربت ذهباً ... يكادُ طرفُ الجليسِ يكلمها

إذا بدت لم تزل لهُ عجباً ... يونقهُ دلها وميسمها

نقدَ المها العينِ كلما ذكرت ... بالدمعِ حتى يفيضَ أسجمها

لا تبعدن خلةٌ مساليةٌ ... لم يبقَ منها إلا تزممها

إني كريمٌ آبى الهوانَ من الخ ... لةِ قد رابني تجهمها

وأعدلُ النفسَ وهي آلفةٌ ... عن الهوى للردى يقدمها

لمرةِ الحزمِ لا أفرطها ... أنقضُ ما دونها وأبرمها

أهدى لها مخطئ الرشادِ كما ... يهدي لأمِّ الطريقِ مخرمها

لا أجعلُ الجايرَ الملولَ وذا ال ... شيمةِ لا يستقيمُ منسمها

كجلدةِ البوِّ لا تزالُ بهِ ... مغرورةً أمهُ تشممها

يعرفها أنفها وتنكرها ... بالعينِ منها فكيفَ ترأمها

إني امرؤٌ من عشيرةٍ صدقٍ ... أصونُ أعراضها وأكرمها

وأتقي سخطها وأمنعها ... ممن يزني بها ويشتمها

أحمي حماها ولن تصادفني ... في يومِ كربٍ ألمَّ أسلمها

قد علمت أنني أخو ثقةٍ ... أهينُ أعداءها وأكرمها

وأنني قرمها تقدمني ... في العزِّ والمكرماتِ أكرمها

لنا منَ العزِّ القديمِ ومن ... سرِّ بيوتِ الكرامِ أجسمها

وإننا في الوغى ذوو نقمٍ ... وجمرةٌ يتقى تضرمها

يتبعنا الناسُ في الأمورِ كما ... يتبعُ نظمَ الجوزاءِ مرزمها

ملوكنا في الملوكِ أعدلهم ... حكماً وعندَ الفضالِ أعظمها

نحنُ العرانينُ من ذرى مضرٍ ... أغزرها نائلاً وأحلمها

بيضٌ بهاليلُ صيدُ مملكةٍ ... يرى شريفاً من قامَ يخدمها

تهضمُ أعداءها وما أحد ... ممن تظلُّ السماءُ يهضمها

إنَّ قريشاً هم الذرى نسباً ... وقائلُ الصدقِ من يفخمها

تعلمُ الناسَ كلما جهلوا ... ولن ترى عالماً يعلمها

يمنعها اللهُ أن تذلَّ وما ... قدمَ من فضلها ويعصمها

كلُّ معدٍّ وكلُّ ذي يمنٍ ... نرمها ملكها ونخطمها

في عصبةٍ من بني خزيمة تن ... في العارَ لا يرتجى تظلمها

موسرها ذو ندى يعاشُ بهِ ... وكالغنيِّ السريِّ معدمها

منا النبيُّ الأميُّ سنتهُ ... فاضلةٌ نافعٌ تعلمها

وأهلُ بدرٍ منا خيارهمُ ... وأفهمُ العالمينَ أفهمها

يقضي لهُ اللهُ بالذي سبقت ... وما وعاهُ الكتابُ محكمها

يأبى لي الذمَّ رأيُ ذي حسبٍ ... وافٍ ونفسٍ باقٍ تكرمها

وشيمةٌ سهلةٌ مقدمةٌ ... لم يكُ ذو عسرةٍ يوحمها

والأرضُ فيها عما كرهتُ إذن ... منادحٌ واسعٌ ترغمها

نحنُ البقايا وكلُّ صالحةٍ ... تهدي إلى الخيرِ حينَ نقسمها

وقال عروة بن أذينة أيضاً:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015