والعيسُ تدلكُ دلكا عن ذخائرها ... ينحزنَ منهنَّ محجونٌ ومركولُ

ومزجياتٍ بأكوارٍ محملةٍ ... شوارهنَّ خلالَ القومِ محمولُ

تهدي الركابَ سلوفٌ غيرُ غافلةٍ ... إذا توقدتِ الحزانُ والميلُ

رعشاءُ تنهضُ بالذفرى مواكبةٌ ... في مرفقيها عن الدفينِ تفتيلُ

عيهمةٌ ينتحي في الأرضِ منسمها ... كما انتحى في أديمِ الصرفِ إزميلُ

تخدي به قدماً طوراً وترجعهُ ... فحدهُ من ولافِ القبصِ مفلولُ

ترى الحصى مشفتراً عن مناسمها ... كما تجلجلُ بالوغلِ الغرابيلُ

كأنها يوم وردِ القوم خامسةٌ ... مسافرٌ أشعبُ الروقينِ مكحولُ

مجتابُ نصعٍ جديدٍ فوقَ نقبتهِ ... وبالقوائمِ من خالٍ سراويلُ

مسفعُ الوجهِ في أرساغهِ خدمٌ ... وفوقَ ذاكَ إلى الكعبينِ تحجيلُ

باكرهُ قانصٌ يسعى بأكلبهِ ... كأنهُ من صلاءِ الشمسِ مملولُ

يأوي إلى سلفعٍ شعثاءَ عاريةٍ ... في حجرها تولبٌ كالقردِ مهزولُ

يشلي ضواريَ أشباهاً مجوعةً ... فليسَ منها إذا أمكنَّ تهليلُ

يتبعنَ أشعثَ كالسرحانِ منصلتاً ... لهُ عليهنَّ قيدَ الرمحِ تمهيلُ

فضمهنَّ قليلاً ثم هاجَ بهِ ... سفعٌ بآذانها شينٌ وتنكيلُ

فاستثبتَ الروعُ في إنسانِ صادقةٍ ... لم تجرِ من رمدٍ فيها الملاميلُ

فانصاعَ وانصعنَ تهفو كلها سدكٌ ... كأنهنَّ من الضمرِ المزاجيلُ

فاهتزَّ ينفضُ مذريينِ قد عتقا ... مخاوضٌ غمراتِ الموتِ مخذولُ

شروى شبيهينِ مكروباً كعوبهما ... في الجنبتينِ وفي الأطرافِ تأسيلُ

كلاهما يبتغي نهكَ القتال بهِ ... إنَّ السلاحَ غداةَ الروعِ محمولُ

يخالسُ الطعنَ إيشاغاً على دهشٍ ... بسلهبٍ سنخهُ في الشأنِ ممطولُ

حتى إذا مضَّ طعناً في جواشنها ... وروقهُ من دمِ الأجوافِ معلولُ

ولى وصرعنَ في حيثُ التبسنَ بهِ ... مضرجاتٌ بأجراحٍ ومقتولُ

كأنه بعدَ ما جدَّ النجاءُ بهِ ... سيفٌ جلا متنهُ الأصناعُ مسلولُ

مستقبلَ الريحِ يهفو وهو مبتركٌ ... لسانهُ عن شمالِ الشدقِ معدولُ

يخفي الترابَ بأظلافٍ ثمانيةٍ ... في أربعِ مسهنَّ الأرضَ تحليلُ

مردفاتٍ على أطرافها ذمعاً ... كأنها بالعجاياتِ الثآليلُ

له جنابانِ من نقعٍ يثورهُ ... ففرجهُ من حصى المعزاءِ مكلولُ

ومنهلٍ آجنٍ في جمهِ بعرٌ ... مما تسوقُ إليهِ الريحُ إجفيلُ

كأنهُّ ودلاءُ القومِ إذ نهزوا ... حمٌّ على ودكٍ في القدرِ مجمولُ

أوردتهُ القومَ قد رانَ النعاسُ بهم ... فقلتُ إذ نهلوا من جمهِ قيلوا

حدَّ الظهيرةِ حتى يرحبوا أصلاً ... إنَّ السقاءَ لهُ رمٌّ وتبليلُ

لما وردنا رفعنا ظلَّ أرديةٍ ... وفارَ للقومِ باللحمِ المراجيلُ

ورداً وأشقرَ لم ينهئهُ طابخهُ ... ما غيرَ الغليُ منهُ فهوَ مأكولُ

ثمتَ قمنا إلى جردٍ مسومةٍ ... أعرافهنَّ لأيدينا مناديلُ

ثم ارتحلنا على عيسٍ مخدمةٍ ... يزجي رواكعها مرنٌ وتنعيلُ

يد لحنَ بالماءِ في وفرٍ مخربةٍ ... منها حقائبُ ركبانٍ ومعدولُ

ترجو فواضلَ ربٍّ سيبهُ حسنٌ ... وكلُّ خيرٍ لديهِ فهوَ مقبولُ

ربٌّ حبانا بأموالٍ مخولةٍ ... وكلُّ شيءٍ حباهُ اللهُ تخويلُ

والمرءُ ساعٍ لأمرٍ ليسَ يدركهُ ... والعيشُ شحٌّ وإشفاقٌ وتأميلُ

وعازبٍ جادهُ الوسميُّ في صفرٍ ... تسري الذهابُ عليهِ فهوَ موبولُ

ولم تسمع بهِ صوتاً فيفزعها ... أوابدُ الربدِ والعينُ المطافيلُ

كأنَّ أطفالَ خيطانِ النعامِ بهِ ... بهمٌ مخالطهُ الحفانُ والحولُ

أفزعتُ منهُ وحوشاً وهيَ ساكنةٌ ... كأنها نعمٌ في الصبحِ مشلولُ

بساهمِ الوجهِ كالسرحانِ منصلتٍ ... طرفٍ تكاملَ فيهِ الحسنُ والطولُ

خاظي الطريقةِ عريانٌ قوائمهُ ... قد شفهُ من ركوبِ البردِ تذبيلُ

كأنَّ فرحتهُ إذ قامَ معتدلاً ... شيبٌ يلوحُ بالحناءِ مغسولُ

يغلو بهنَّ ويثني وهو مقتدرٌ ... في كفتهنَّ إذا استرغبنَ تعجيلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015