وإنْ أدبرتْ قلتَ مشحونةٌ ... أطاعتْ لها الرِّيحُ قلعاً جفولا
وإنْ أعرضتْ راءَ فيها البصيرُ ... ما لا يكلِّفهُ أنْ يفيلا
يداً سرحاً مائراً ضبعُها ... تسومُ وتقدمُ رِجلاً زجولا
وعوجاً تناطحنَ نحنَ المطايا ... بهنَّ وتهدي مشاشاً كهولا
تعزُّ المطيَّ جماعَ الطَّريقِ ... إذا أدلجَ القومُ ليلاً طويلا
كأنَّ يديْها إذا أرقلتْ ... وقدْ جرنَ ثمَّ اهتدينَ السَّبيلا
يدا عائمٍ خرَّ في غمرةٍ ... قد أدركهُ الموتُ إلاّ قليلا
وخُبِّرتُ قومي ولمْ آتهمْ ... أجدُّوا بأعلى شويسٍ حلولا
فإمَّا هلكتُ ولمْ أتهمْ ... فأبلغْ أماثلَ سهمٍ رسولا
فإنْ قومكمْ خيِّروا خصلتيْ ... نِ كلتاهما جعلوها عدولا
خزيُ الحياةِ وحربُ الصَّديقِ ... وكلاًّ أراهُ طعاماً وبيلا
فإنْ لمْ يكنْ غيرُ إحداهُما ... فسيروا إلى الموتِ سيراً جميلا
ولا تقعِدوا وبكمْ منَّةٌ ... كفى بالحوادثِ للمرءِ غولا
وحشُّوا الحروبَ إذا أُوقدتْ ... رماحاً طوالاً وخيلاً فحولا
ومنْ نسجِ داوودَ موضونةً ... ترى للقواضبِ فيها صليلا
ولكنَّكمْ وعطاءَ الرِّها ... نِ جرَّتِ الحربُ جلاً جليلا
كثوبِ ابنِ بيضٍ وقاهمْ بهِ ... فسدَّ على السَّالكينَ السَّبيلا
وقال مزرد بن ضرار بن صيفي الذبياني وهو أخو الشماخ وهي مفضلية:
ألا يا لقومٍ والسفاهةُ كاسمها ... أعائدتي من حبِّ سلمى عوائدي
سويقةُ بلبالي إلى فلجاتها ... فذو الرمثِ أبكتني لسلمى معاهدي
معاهدُ ترعى بينها كل رعلةٍ ... غرابيبُ كالهندِ الحوافي الحوافدِ
تراعي بذي الغلانِ صعلاً كأنهُ ... بذي الطلحِ جاني علفٍ غيرُ عاضدِ
وقالت ألا تثوي فتقضي لبابةً ... أبا حسنٍ فينا وتبلو مواعدي
أتاني وأهلي في جهينةَ دارهم ... بنصعٍ فرضوى من وراءِ المرابدِ
تأوهُ شيخٍ قاعدٍ وعجوزهِ ... حزينينِ بالصعلاءِ ذاتِ الأساودِ
وعالا وعاما حين باعا بأعنزٍ ... وكلبينِ لعبانيةً كالجلامدِ
هجاناً وحمراً معطراتٍ كأنها ... حصى مغرةٍ ألوانها كالمجاسدِ
تدققُ أوراكٌ لهنَّ عرضنةٌ ... على ماءِ يمؤودٍ عصا كل ذائدِ
أزرعَ بن ثوبٍ إن جاراتِ بيتكم ... أزلنَ وألهاكَ ارتغاءُ الرغائدِ
وأصبحَ جاراتُ ابنِ ثوبٍ بواشماً ... منَ الشرِّ يشويهنَّ شيَّ القدائدِ
تركتُ ابنَ ثوبٍ وهو لا سترَ دونهُ ... ولو شئتُ غنتني بثوبٍ ولائدي
صقعتُ ابن ثوبٍ صقعةً لا حجى لها ... يولولُ منها كلُّ آسٍ وعائدِ
فردوا لقاحَ الثعلبيَّ أداؤها ... أعفُّ وأتقى من أذىً غيرِ واجدِ
وإن لم تردوها فإنَّ سماعها ... لكم أبداً من باقياتِ القلائدِ
وما خالدٌ منا وإن حلَّ فيكمُ ... أبانينِ بالنائي ولا المتباعدِ
تسفهتهُ غرماً لهُ إذ رأيتهُ ... غلاماً كغصنِ البانةِ المتغايدِ
تحنُّ لقاحُ الثعلبي صبابةً ... لأوطانها من غيقةٍ فالفدافدِ
وعاعى ابن ثوبٍ في الرعاءِ بصبةٍ ... حيالٍ وأخرى لم ترَ الفحلً والدِ
فيا آلَ ثوبٍ إنما ذودُ خالدٍ ... كنارِ اللظى لا خيرَ في ذودِ خالدِ
بهن دروءٌ من نحازٍ وغدةٍ ... لها ذرباتٌ كالثديِّ النواهدِ
جربنَ فما يهنأنَ إلا بغلقةٍ ... عطينٍ وأبوالِ النساءِ القواعدِ
فلم أرَ رزءاً مثلهُ إذ أتاكمُ ... ولا مثلَ ما يهدى هديةَ شاكدِ
فيا لهفى ألا تكونَ تعلقت ... بأسبابِ حبلٍ لابنِ دارةَ ماجدِ
فيرجعها قومٌ كأنَّ أباهمُ ... ببيشةَ ضرغامٌ طوالُ السواعدِ
ولو جارها اللجلاجُ أو لو أجارها ... بنو باعثٍ لم تنزُ في حبلِ صائدِ
ولو كنَّ جاراتٍ لآلِ مساحقٍ ... لأدينَ هوناً معنقاتِ المواردِ
ولو في بني الثرماءِ حلت تحدبوا ... عليها بأرماحِ حدادِ الحدائدِ
مصاليتُ كالأسيافِ ثم مصيرهم ... إلى خفراتٍ كالقنا المترائدِ
ولكنها في مرقبٍ متناذرٍ ... كأنَّ بها منه قروضَ الجداجدِ