فأثنِ عليها بالَّذي أنتَ أهلهُ ... ولا تكْفرنْها لا فلاحَ لكافرِ
فلو أنَّها تجري على الأرضِ أُدركتْ ... ولكنَّها تهفو بتمثالِ طائرِ
خداريَّةٍ فتخاءَ ألثقَ ريشَها ... سحابةُ يومٍ ذي أهاضيبَ ماطرِ
فدًى لأبي أسماءَ كلُّ مقصِّرٍ ... منَ القومِ من ساعٍ بوترٍ وواترِ
بذلتَ المخاضَ البزلَ ثمَّ عشارها ... ولم تنهَ منها عنْ صفوفٍ مظائرِ
مقرِّنُ أفراسٍ له برواحلٍ ... فغاولْنهمْ مستقبلاتِ الهواجرِ
فأدْركتَهم شرقَ المروْراتِ مقصراً ... بقيَّةُ نسلٍ من بناتِ القراقرِ
فلمْ تنجُ إلاّ كلُّ خوصاءَ تدَّعي ... بذي شرفاتٍ كالقنيقِ المخاطرِ
وإنَّكَ يا عامِ ابنَ فارسٍ قرزلٍ ... معيدٌ على قيلِ الخنا والهواجرِ
هرقنَ بساحوقٍ جفاناً كثيرةً ... وأدَّينَ أُخرى من حَقينٍ وحازرِ
وقال سلمة أيضاً:
تأوَّبهُ خيالٌ مِن سُليمى ... كما يعتادُ ذا الدَّينِ الغريمُ
فإنْ تقبلُ بما علمتْ فإنِّي ... بحمدِ اللهِ وصَّالٌ صرومُ
ومختاضٍ تبيضُ الرُّبدُ فيهِ ... تُحوميَ نبتهُ فهوَ العميمُ
غدوتُ بهِ تُدافعُني سبوحٌ ... فراشُ نسورِها عجمٌ جريمُ
منَ المتلفِّتاتِ بجانبَيْها ... إذا ما بلَّ محزمَها الحميمُ
إذا كانَ الحزامُ بقصرَيَيها ... إماماً حيثُ يمتسكُ البريمُ
تُدافعُ حدَّ طُبيَيْها وحيناً ... يعادلهُ الجراءُ فيستقيمُ
كميتٌ غيرُ محلفةٍ ولكنْ ... كلونِ الصِّرفِ علَّ بهِ الأديمُ
تعادى منْ قوائِمها ثلاثٌ ... بتحجيلٍ وقائمةٌ بهيمُ
كأنَّ مسيحتَيْ ورقٍ عليها ... نمتْ قرطيهِما أٌذنٌ خذيمُ
تعوَّذُ بالرُّقى من غيرِ خبلٍ ... ويعقدُ في قلائدِها التَّميمُ
وتُمكنُنا إذا نحنُ اقتنصْنا ... منَ الشَّحَّاجِ أسعلهُ الجميمُ
هويَّ عقابِ عردةَ أشأزتْها ... بذي الضَّمرانِ عكرشةٌ درومُ
أول هذه القصيدة في المفضليات:
تأوّبه خيالٌ من سليمى
ووجدت لها في أشعار بني عبس ثلاثة أبيات وهي:
تكلَّمْ أيُّها الطَّللُ القديمُ ... عفتْ فيهِ أُجيرةُ فالحريمُ
تأبَّدَ ما بدا للرِّيحِ منهُ ... وآلاءٌ بتيمُنَ لا تريمُ
إذا ما قلتُ أقصرَ عنْ صباهُ ... فكانَ كحينِ محتضرُ السَّقيمُ
وقال بشامة بن عمرو بن حزن بن هلال بن وائلة بن سهم بن مرة، وهي مفضلية وقرأتها علي شيخي أبي محمد بن الخشاب حفظاً:
هجرتَ أُمامةَ هجراً جميلاً ... وحمَّلكَ النَّأيُ عبئاً تقيلا
وحمِّلتَ منها على نأيِها ... خيالاً يُوافي ونيْلاً قليلا
ونظرةَ ذي شجنٍ وامقٍ ... إذا ما الرَّكائبُ جاوزنَ ميلا
أتتْنا تُسائلُ ما بثُّنا ... فقلْنا لها قدْ عزمْنا الرَّحيلا
وقلنا لها كنتِ قدْ تعلمينَ ... منذُ ثوى الرَّكبُ عنَّا عفولا
فبادَرَتاها بمستعجلٍ ... منَ الدَّمعِ ينضحُ خدّاً أسيلا
وما كانَ أكثرَ ما نوَّلتْ ... منَ القولِ إلاّ صفاحاً وقيلا
وعذرتُها أنَّ كلُّ امرئٍ ... معدٌّ لهُ كلَّ يومٍ شكولا
كأنَّ النَّوى لم تكنْ أصقبتْ ... ولمْ تأتْ قومَ أديمٍ حلولا
فقرَّبتُ للرَّحلِ عيرانةً ... عذافرةً عنتريساً ذمولا
مداخلةَ الخلقِ مضبورةً ... إذا أخذَ الحاقفاتُ المقيلا
لها قردٌ تامكٌ نيُّهُ ... تزلُّ الوليَّةُ عنهُ زليلا
تطرَّدُ أطرافَ عامٍ خصيبٍ ... ولمْ يدنِ عبدٌ إليها فصيلا
توقَّرُ شازرةٌ طرفَها ... إذا ما ثنيتُ إليها الجديلا
بعينٍ كعينِ مفيضِ القداحِ ... إذا ما أراغَ يريدُ الحويلا
وحادرةٍ كنَفَيها المسي ... حُ تنضحُ أوبرَ شتّاً غليلا
وصدرٍ لها مهيعٌ كالخلي ... فِ تخالُ بأنَّ عليهِ شليلا
ومرَّتْ على كشبٍ غدوةً ... وحاذتْ بجنبِ أريكٍ أصيلا
توطَّأ أغلظُ حزَّانهِ ... كوطءِ القويِّ العزيزِ الذَّليلا
إذا أقبلتْ قلتَ مذعورةٌ ... من الرُّمدِ تلحفُ هيقاً ذمولا