إذا شدَّ لم ينكلْ وإنْ همَّ لم يهبْ ... جريء الوقاعِ لا يورِّعهُ الزَّجرُ

ألا ليتَ أنَّ الذِّئبَ جلَّلَ درعها ... وإن كانَ ذا نابٍ حديدٍ وذا ظفرِ

تقول لتربيها سراراً هديتما ... لعلَّ الذي غنَّى به صاحبي مكرُ

فقلتُ لها كلاّ وما رقصتْ لهُ ... مواشكةٌ تنجو إذا قلقَ الضَّفرُ

أحبُّكِ ما غنَّتْ بوادٍ حمامةٌ ... مطوَّقةٌ ورقاءُ في هدبٍ خضرِ

لقد أصبحَ الرَّحالُ عنهنَّ صادفاً ... إلى يوم يلقى الله أو آخرَ العمرِ

عليكمْ بربَّاتِ النِّمارِ فإنَّني ... رأيتُ صميمَ الموتِ في النَّقبِ الصُّفرِ

زهير بن جناب

وقال زهير بن جناب بن هبل أحد بني عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف ابن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب:

أمنْ آلِ سلمى ذا الخيالُ المؤرِّقُ ... وقد يمقُ الطَّيفَ الطَّروبُ المشوَّقُ

وأنَّى اهتدتْ سلمى وسائلَ بيننا ... وما دونها من مهمهِ الأرضِ يخفقُ

فلمْ ترَ إلاّ هاجعاً عندَ حرَّةٍ ... على ظهرها كورٌ عتيقٌ ونمرقُ

فلمَّا رأتني والطَّليحَ تبسَّمتْ ... كما انهلَّ أعلى عارضٍ يتألَّقُ

فحيَّاكِ ودٌّ زوِّدينا تحيَّةً ... لعلَّ بها عانٍ من الكبلِ يطلقُ

فردَّتْ سلاماً ثمَّ ولَّتْ بحلفةٍ ... ونحنُ لعمري يا ابنةَ الخيرِ أشوقُ

فيا طيبَ ماريَّا ويا حسنَ منظرٍ ... لهوتُ بهِ لو أنَّ رؤياكِ تصدقُ

ويوماً بابليٍّ عرفتُ رسومها ... وقفتُ عليها والدُّموعُ ترقرقُ

فكادت تبينُ الوحيَ لما سألتها ... فتخبرنا لو كانتِ الدَّارُ تنطقُ

فيا رسمَ سلمى هجتَ للعينِ عبرةً ... وحزنا سقاكِ الوابلُ المتبعِّقُ

ألمْ تذكري إذ عيشنا بكِ صالحٌ ... وإذ أهلنا ودٌّ ولم يتفرَّقوا

ولمَّا اعتليتُ الهمَّ عدَّيتُ جسرةً ... زِورَّةَ أسفارٍ تخبُّ وتعنقُ

جماليَّة أمَّا السِّنامُ فسامكٌ ... وأما مكانُ الرِّدفِ منها فمحنقُ

شويفيةُ النَّابين لم يغذُ درُّها ... فصيلاً ولم يحملْ عليها موسِّقُ

إذا قلتُ عاجٍ جلَّحتْ مشمعلَّةً ... كما ارمدَّ أدفي ذو جناحينِ نقنقُ

أبى قومنا أن يقبلوا الحقَّ فانتهوا ... إليه وأنيابٌ من الحربِ تحرقُ

فجاءوا إلى رجراجةٍ متمئرَّةٍ ... يكادُ المرنِّي نحوها الطَّرفَ يصعقُ

دروعٌ وأرماحٌ بأيدي أعزَّةٍ ... وموضونةٍ مما أفادَ محرِّقُ

وخيلٍ جعلناها دخيلَ كرامةٍ ... عقاداً ليوم الحربِ تحفى وتغبقُ

فما برحوا حتَّى تركنا رئيسهمْ ... تعفَّرُ فيه المضرحيُّ المذلقُ

فكائنْ ترى من ماجدٍ وابن ماجدٍ ... به طعنةٌ نجلاءُ للوجهِ تشهقُ

فلا غروَ إلاّ يومَ جاءتْ عطينةٌ ... ليستلبوا نسوانها ثمَّ يعنقوا

موالي يمينٍ لا موالي عتاقةٍ ... أشابةُ حيٍّ ليسَ فيهمُ موفَّقُ

عنترة

وقال عنترة بن عمرو بن شداد العبسيّ:

هلْ غادرَ الشُّعراءُ من متردِّمِ ... أم هل عرفتَ الدَّارَ بعد توهُّمِ

يا دارَ عبلةَ بالجواءِ تكلَّمي ... وعمي صباحاً دارَ عبلةَ واسلمي

فوقفتُ فيها ناقتي وكأنَّها ... فدنٌ لأقضي حاجةَ المتلوِّمِ

وتحلُّ عبلةُ بالجواءِ وأهلنا ... بالحزنِ فالصِّمَّانِ فالمتثلِّمِ

حيِّيتَ من طللٍ تقادم عهدهُ ... أقوى وأقفرَ بعدَ أمِّ الهيثمِ

حلَّتْ بأرضِ الزَّائرينَ فأصبحتْ ... عسراً عليَّ طلابها ابنةَ مخرمِ

علِّقتها عرضاً وأقتلُ قومها ... زعماً لعمرُ أبيك ليسَ بمزعمِ

ولقدْ نزلتِ فلا تظنِّي غيرهُ ... مني بمنزلةِ المحبِّ المكرمِ

كيف المزارُ وقد تربَّعَ أهلها ... بعنيزتينِ وأهلنا بالغيلمِ

إن كنتِ أزمعتِ الفراقَ فإنَّما ... زمَّتْ ركابكمُ بليلٍ مظلمِ

ما راعني إلاّ حمولةُ أهلها ... وسطَ الدِّيارِ تسفُّ حبَّ الخمخمِ

فيها اثنتانِ وأربعونَ حلوبةً ... سوداً كخافيةِ الغرابِ الأسحمِ

إذ تستبيكَ بذي غروبٍ واضحٍ ... عذبٍ مقبَّلهُ لذيذِ المطعمِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015