فأرخيتُ القناةَ ويزأنيّاً ... على الأكفالِ بالطَّعنِ المعاقِ

فعادى بينهنَّ وهنَّ رهوٌ ... يملنَ على مسمَّحةٍ ذلاقِ

فأدّاها إليَّ ولم يرثها ... فواقاً أو أقلَّ من الفُواقِ

وأدَّانا المقيلُ إلى شواءٍ ... يطاطئُ أنفسَ القومِ الدِّهاقِ

بفتيانٍ ذوي كرمٍ أعاذوا ... وقيذهمُ بشبعٍ واعتناقِ

وندمانٍ رهنتُ له بريٍّ ... وراووقٍ ومُسمعةٍ وساقي

كريم لا يُشعِّثني إذا ما ... نفتهُ الكأسُ بالسُّكرِ المساقي

أقامَ لدى ابنِ محصنَ عاملاتٍ ... من الأمثالِ والكلمِ البواقي

أرى الأيّامَ لا يبقى عليها ... سوى الأجبالِ والرَّملِ الرِّقاقِ

أبو بردة عديّ بن عمرو

وقال أبو بردة عديّ بن عمرو بن سويد بن زبّان الطائي المعنيّ:

أسماءُ حلَّتْ بوادي الكومِ من ريبٍ ... إلى المواثلِ تدنو ثمَّ تنصفقُ

وقد تولَّى بها صرفُ النَّوى حقباً ... وشطَّ أرضكَ من تهوى ومن تثقُ

وما تذكُّرهُ إحدى بني أسدٍ ... إلاَّ السَّفاهَ وإلا أنهُ علقُ

وقد ظللنا سراةَ اليومِ حابسنا ... شبكُ الدُّيونِ وأمرٌ بينهمْ غرقُ

ثمَّ أجدُّوا وعن أيمانهمْ ديرٌ ... وعن شمائلهمْ من فردةٍ برقُ

كأنَّهمْ وزهاءُ الآلِ يرفعهمْ ... وقد تألَّقَ ظهرُ المهمهِ البلقُ

نخلُ الجماحِ أعاليهِ مكمَّمةٌ ... لمّا تفتَّقْ ولم يدخلْ بهِ الحرقُ

وقد أكونُ أمام الحيّ يحملني ... قدَّامَ سرحهمِ ذو ميعةٍ تئقُ

نهدُ الثَّميلةِ إلاَّ أن يُكمِّشهُ ... الأجراءُ لا شبهةٌ فيهِ ولا بلقُ

رحبُ اللَّبانِ رجيلٌ منهبٌ تئقٌ ... للشَّدِّ لا سغلٌ فيه ولا ملقُ

كأنَّ ثائبهُ غيثُ تُقحِّمهُ ... ريحٌ فيسفحُ تاراتٍ ويندفقُ

كأنه أكلف الخدين منتصب ... منه المخالب أعلى ريشة لثق

بازٍ جريءٌ على الحزَّانِ مقتدرٌ ... ومن حبابيرَ ذي ماوانَ يرتزقُ

وقد طلبتُ حمولَ الحيّ تحملني ... عنسٌ مواشكةٌ في سيرها قلقُ

بقَّى السِّفارُ وحرُّ القيظِ جبلتها ... فهيَ رذيٌّ وفي أخفافها رققُ

كأنَّها بعدما خفَّتْ ثميلتها ... من وحشِ جبَّةَ موشيُّ الشَّوى لهقُ

أحسَّ غُنماً ولا يوري بطلعتهِ ... على مذارعهِ من شملةٍ خرقُ

يقودُ غُضفاً دقاقاً قد أحالَ بها ... أكلُ الفقارِ ومن أقواتها السَّرقُ

مقلَّداتٍ بأوتارٍ ومن قِددٍ ... كأنَّهنَّ على أعناقها ربقُ

فبثَّهنَّ بطاوي الكشحِ منجردٍ ... كأنَّ أظلافهُ يهوي بها زهقُ

على قرا صحصحانٍ يعتلينَ بهِ ... حتَّى تداركنهُ لما استوى الفلقُ

كأنَّهنَّ إذا أُغرينَ عاصيةً ... خضعُ الرِّقابِ وفي أحداقها زرقُ

فكرَّ ثبتاً معيدَ الطَّعنِ ذا نزلٍ ... طعنَ المبيطرِ إذ ناهى به يشقُ

حتَّى تحاجزنَ عنهُ بعدما كثرتْ ... منها الدُّميُّ على آثارهِ دفقُ

فظلَّ غنمٌ كئيباً عندَ أكلبهِ ... ولم يصدْهُ فتيلاً ذلك الطَّلقُ

ثمَّتَ ولَّى على رحٍّ مسلَّمةٍ ... يعلو الأواعسَ كالعيُّوقِ يأتلقُ

أذاكَ أمْ خاضبٌ حصٌّ قوادمهُ ... جادتْ لهُ العينُ حتَّى احْلولكَ البرقُ

تبري لهُ صلعةٌ ربداءُ خاضعةٌ ... خدبَّةُ الجرمِ لا يزري بها السِّوقُ

يقْرو النِّقاعَ وتتلوهُ مواشكةٌ ... كأنَّما زفُّها في دفِّها خرقُ

قد أودعتْ من قُفيٍّ ناعجٍ ثقلاً ... يحبو عليه حصى الأُدحيّ يطَّرقُ

فآنسا همَّةً من فيخِ نافجةٍ ... كما يحفُّ أباءٌ غالهُ الحرقُ

فاستدبرتهُ وصدرُ الرِّيح يكثحها ... يرقدُّ وهي تواريهِ وتفتلقُ

وقد تألَّقَ في حمَّاءَ راجسةٍ ... برقٌ تطايرَ في أرجائها شققُ

واللَّيلُ قد جلَّلَ الآفاقَ شملتهُ ... وقد تمدَّدَ فوقَ الطَّخيةِ الغسقُ

لولا توقُّدُ ما ينفيهِ خطوهما ... على البسيطةِ لم تدركهما الحدقُ

أبلغْ بني أسدٍ عنِّي مُغلغلةً ... تهوي بها العيسُ لا ودٌّ ولا ملقُ

لكنَّها مثلٌ يبقى لها علبٌ ... على المخاطمِ ما جلَّى الدُّجى الفلقُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015