وآنسةٍ حذوتُ ولمْ أدِنها ... فأعجبني طراوةُ ما حذوْتُ
فلمَّا إنْ وهتْ قرنتْ ولانتْ ... وجاءتْ في الحذاءِ كما اشتهيْتُ
وبيتٍ ليسَ منْ شعرٍ وصوفٌ ... على ظهرِ المطيَّةِ قد بنيْتُ
وبيتٌ قد أتيتُ حوالَ بيتٍ ... وبيتٍ ما أُحاولهُ أتيْتُ
وجمّاءَ المرافقِ قدْ دعتْني ... لتُدخلني فقلتُ لها أبيْتُ
وجاريةٍ تُنازعني ردائي ... أمامَ الحيّ ليسَ عليَّ بيْتُ
تقولُ فضحتَني ورآكَ قومي ... وما عُذري ألانَ وقدْ زنيْتُ
ألا بكرَ العواذلُ فاستميتُ ... وهل أنا خالدٌ إمَّا صحوْتُ
وكنتُ إذا أرى زقّاً مريضاً ... يناحُ على جنازتهِ بكيْتُ
أُمشِّي في سراةِ بني غطيفٍ ... إذا ما ساءَني أمرٌ أبيْتُ
وغصنٍ بانَ منْ عضَهٍ رطيبٍ ... هصرتُ إليَّ منهُ فاجتنيْتُ
وماءٍ ليسَ مِن عدٍّ رواءٍ ... ولا ماءِ السَّماءِ قدِ اشتفيْتُ
ولحمٍ لمْ يذقهُ النَّاسُ قبلي ... أكلتُ على خلاءٍ وانتقيْتُ
وصادرةٍ معاً والورد شتَّى ... على أدبارِها أُصلاً حدوْتُ
ونارٍ أُوقدتْ مِن غيرِ زندٍ ... أثرتُ جحيمَها ثمَّ اصطليْتُ
ولمْ أُدبرْ عنِ الأدنين إنِّي ... نآنِي الأكرمونَ وما نأيْتُ
وقال أبو قيس بن الأسلت الأنصاري، واسمه صيفيّ، وهي مفضليّة قرأتها على ابن الخشاب:
قالتْ ولمْ تقصدْ لقِيل الخنا ... مهلاً فقدْ أبلغتَ أسماعِي
أنكرنهُ حينَ توسَّمنهُ ... والحربُ غولٌ ذاتُ أوجاعِ
مَن يذقِ الحربَ يجدْ طعمَها ... مرّاً وتتركهُ بجعجاعِ
قدْ حصَّتِ البيضةُ رأسي فما ... أذوقُ نوماً غيرَ تهجاعِ
أسعى على جلِّ بني مالكٍ ... كلُّ امرئٍ في شأنهِ ساعِي
أعددتُ للأعداءِ موضونةً ... فضفاضةً كالنِّهي بالقاعِ
أحفزُها عنِّي بذي رونقٍ ... أبيضَ مثلِ الملحِ قطّاعِ
صدقٍ حسامٍ وادقٍ حدُّهُ ... ومجنأٍ أسمرَ قرّاعِ
بزَّ امرئٍ مستبسلٍ حاذرٍ ... للدَّهرِ جارٌ غيرُ مرتاعِ
الحزمُ والقوَّةُ خيرٌ منَ ال ... إشفاقِ والفهَّةِ والهاعِ
ليسَ قطاً مثلُ قطيٍّ ولا ال ... مرعيُّ في الأقوامِ كالرّاعِي
لا نألمُ القتلَ ونجزي بهِ ال ... أعداءَ كيلَ الصَّاعِ بالصَّاعِ
بينَ يديْ رجراجةٍ فخمةٍ ... ذاتِ عرانينٍ ودفّاعِ
كأنَّهمْ أُسدٌ لدى أشبلٍ ... ينهتنَ في غيلٍ وأجراعِ
هلاَّ سألتِ القومَ إذْ قلَّصتْ ... ما كانَ إبطائي وإسراعِي
هلْ أبذلُ المالَ على حبِّهِ ... فيهمْ وآتي دعوةَ الدَّاعِي
وأضربُ القونسَ يومَ الوغى ... بالسَّيفِ لمْ يقصرْ بهِ باعِي
وأقطعُ الخرقَ يخافُ الرَّدى ... فيهِ على أدماءَ هلواعِ
ذاتِ أساهيجَ جماليَّةٍ ... حششتُها كوري وأنساعِي
وزيِّنَ الرِّحلُ بمعقومةٍ ... حاريَّةٍ أو ذاتِ أقطاعِ
تُعطي على الزِّجرِ وتنجو منَ ال ... سَّوطِ أمونٍ غير مظْلاعِ
أقضي بها الحاجاتِ إنَّ الفتى ... رهنٌ لذي لونينِ خدّاعِ
حتَّى تولَّتْ ولنا غايةٌ ... منْ بينِ جمعٍ غيرِ جمّاعِ
وقال بشر بن عوانة العذري، وكان قد خرج يطلب مهراً لابنة عم له، فلقيه الأسد فقتله:
أفاطمَ لوْ شهدتِ برملٍ خبتٍ ... وقدْ لاقى الهزبرُ أخاك بشْرا
إذن لرأيتِ ليثاً رامَ ليثاً ... هزبراً أغلباً لاقى هزبْرا
تبهنسَ إذْ تقاعسَ عنهُ مُهري ... محاذرةً فقلتُ عُقرتُ مهْرا
أنلْ قدميَّ ظهرَ الأرضِ إنِّي ... وجدتُ الأرضَ أثبتَ منكَ ظهْرا
وقلتُ لهُ وقدْ أبدى نصالاً ... محدَّدةً ووجهاً مكفهرّا
تُدلُّ بمخلبٍ وبحدِّ نابٍ ... وباللّحظاتِ تحسبهنَّ جمْرا
وفي يمنايَ ماضي الغربِ أبقى ... بمضربهِ قراعُ الموتِ أثْرا
ألمْ يبلغكَ ما فعلتْ ظباهُ ... بكاظمةٍ غداةَ لقيتُ عمْرا
وقلبي مثلُ قلبكَ لستُ أخشى ... محاذرةً ولستُ أخافُ ذعْرا