أطعتُ بها قولَ الوشاةِ فما أرى ال ... وشاةَ انتهُوا عنَّا ولا الدَّهرَ أعتَبا
فهلاَّ صرمْت والجبالُ متينةٌ ... أُميمةَ إنْ واشٍ غويٌّ تكذَّبا
وشعثٍ يجدُّونَ النِّعالَ لضمَّرٍ ... سواهمَ يقطعنَ المليعَ المذبذَبا
جنوحاً كأسرابِ القطا راحَ مقصراً ... روايا فراخٍ بالفلاةِ فأطنَبا
عسفتُ بهمْ داويَّةً ما ترى بها ... هدًى راكبٌ إلاَّ صفيحاً منصَّبا
وكمْ دونها من مهمهٍ وتنوفةٍ ... ومنْ كاشحٍ قدْ جاءَ بعدي فعقَّبا
وراحلةٍ تشكو الكلالَ زجرتُها ... إذا اللَّيلُ عنْ ضوءِ الصَّباحِ تجوَّبا
جماليَّةٍ قدْ غادرتْ في مناخِها ... لدى مجهضٍ كالرَّألِ ذئباً وثعلَبا
وأذهبَ منها النَّصَّ في كلِّ مهمهٍ ... سناماً منَ العاميِّ قدْ كانَ أوصَبا
فصارتْ كجفنِ السَّيفِ حرفاً رذيَّةً ... برى النّي عنها والسَّديفَ الملحَّبا
وأسطعَ نهَّاضٍ أمينٍ فقارهُ ... يعومُ بصلبٍ كالقناطرِ أحدَبا
قذوفٍ إذا ما استأنستْ منْ مناخِها ... سما طرفُها واستوفزتْ لتقرَّبا
تواترُ بينَ الحرَّتينِ كأنَّها ... فريدٌ يراعي بالجنينةِ ربرَبا
إذا خفتَ شكَّ الأمرِ فارمِ بعزمةٍ ... غيابتهُ يركبْ بكَ العزمُ مركبا
وإنْ وجهةٌ سدَّتْ عليكَ فروجُها ... فإنَّكَ لاقٍ لا محالةَ مذهَبا
ولمْ يجعلِ اللهُ الأمورَ إذا اجتدتْ ... عليكَ رتاجاً لا يرامُ مضبَّبا
كذاكَ الفتى يوماً إذا ما تقلَّبتْ ... بهِ صيرفيَّاتُ الأمورِ تقلَّبا
يلامُ رجالٌ قبلَ تجريبِ أمورهمْ ... وكيفَ يلامُ المرءُ حتَّى يجرَّبا
وإنِّي لمعراضٌ قليلٌ تعرُّضي ... لوجهِ امرئٍ يوماً إذا ما تجنَّبا
قليلٌ عِدادي حينَ أُذعرُ ساكناً ... جناني إذا ما الحربُ هرَّتْ لتكلَبا
وحشَّ الكماةُ بالسِّيوفِ وقودَها ... حفاظاً وبالخطّيّ حتَّى تلهَّبا
فلمْ ينسِني الجهلُ الحياءَ ولمْ أكنْ ... أميناً ولمْ أُرسلْ لساني ليخدبا
على النَّاسِ إلاَّ أنْ أرى الدَّاءَ بارزاً ... فأقمعَ نجمَ الدَّاءِ عنِّي فيجلبا
حؤوطٌ لأقصى الأهلِ أُخشى وراءهُ ... مذبٌّ ومثلي عنْ حمى الأصلِ ذبَّبا
وما باتَ جهلي رائحاً مذْ تركتهُ ... وليداً ولا حلمي يبيتُ معزّبا
بحسبكَ ما يُلقيكَ فاجمعْ لنازلٍ ... قراهُ ونوِّبهُ إذا ما تنوَّبا
ولا تنتجعْ شرّاً إذا حيلَ دونهُ ... بسترٍ وهبْ أستارهُ ما تغيَّبا
أنا ابنُ رقاشٍ وابنُ ثعلبةَ الذي ... بنى هادياً يعلو الهواديَ أغلَبا
منَ الغرِّ بنياناً لقومٍ تماصَعوا ... بأسيافهمْ عنهُ فأصبحَ مصعَبا
فما إنْ ترى في النَّاسِ أُمّاً كأُمِّنا ... ولا كأبينا حينَ ننسبهُ أبا
أتمَّ وأنمى بالبنين إلى العُلا ... وأكرمَ منَّا في القبائلِ منصِبا
وأخصبَ في المقرَى وفي دعوةِ النَّدى ... إذا طائفُ الرُّكبانِ طافَ فأحدَبا
ملكْنا ولمْ نُملكْ وقُدنا ولمْ نُقدْ ... وكانَ لنا حقّاً على النَّاسِ ترتَبا
بآيةِ أنَّا لا نرى متتوِّجاً ... منَ النَّاسِ يعلونا بتاجٍ معصَّبا
ولا ملكاً إلاَّ اتَّقانا بمُلكهِ ... ولا سوقةً إلاَّ على الخرجِ أُتعبا
ولدْنا ملوكاً واستبحْنا حماهمُ ... وكنَّا لهمْ في الجاهليَّةِ موكبا
ندامَى وأردافاً فلمْ نرَ سوقةً ... توازنُنا فاسألْ إياداً وتغلبا
وقال زيادة أيضاً:
ألِمَّا بليلى يا خليليَّ واقْصرا ... فما لمْ تزوراها بنا كانَ أكثَرا
وعُوجا المطايا طالَ ما قدْ هجرتُما ... عليها وإنْ كانَ المعوِّجُ أعسَرا
كفى حزناً أن تجمعَ الدَّارُ بينَنا ... بصرمٍ لليلى بعدَ ودٍّ وتهجُرا
ولمْ أرَ ليلى بعدَ يوم لَقيتها ... تكفُّ دموعَ العينِ أنْ تتحدَّرا
منعَّمةٌ يُصبي الحليمَ كلامُها ... تمايلُ في الرُّكنينِ منها تبختُرا
متى يرَها العجلانُ لا يثنِ طرفهُ ... إلى عينهِ حتَّى يحارَ ويحسرا