فنحنُ كماءِ المزنِ ما في نصابِنا ... كهامٌ ولا فينا يعدُّ بخِيلُ
وننكرُ إنْ شئنا على النَّاسِ قولهمْ ... ولا ينكرونَ القولَ حينَ نقُولُ
إذا سيِّدٌ منَّا خلا قامَ سيِّدٌ ... قؤولٌ لما قالَ الكرامُ فعُولُ
وما أُخمدتْ نارٌ لنا دونَ طارقٌ ... ولا ذمَّنا في النَّازلينَ نزِيلُ
وأيَّامنا مشهورةٌ في عدوِّنا ... لها غررٌ معلومةٌ وحجُولُ
وأسيافنا في كلِّ شرقٍ ومغربٍ ... بها منْ قراعِ الدَّارعينَ فلُولُ
معوَّدةٌ أنْ لا تسلَّ نصالُها ... فتغمدَ حتَّى يستباحُ قبِيلُ
سَلي إنْ جهلتِ النَّاسَ عنَّا وعنكمُ ... وليسَ سواءٌ عالمٌ وجهُولُ
فإنَّ بني الدّيّانِ قطبٌ لقومهمْ ... تدورُ رحاهمْ حولهمْ وتجُولُ
وقال أبو الأخيل العجليّ، وكان آخر أيام بني أمية:
ألا يا اسلمي ذاتَ الدَّماليجِ والعقدِ ... وذاتَ الثَّنايا الغرِّ والفاحمِ الجعْدِ
وذاتِ اللّثاثِ الحوِّ والعارضِ الذي ... بهِ أبرقتْ عمداً بأبيضَ كالشّهْدِ
كأنَّ ثناياها اغتبقنَ مدامةً ... ثوتْ حججاً في رأسِ ذي قنَّةٍ فْردِ
وكيفَ أُرجِّيها وقدْ حالَ دونَها ... نميرٌ وأجبالٌ تعرَّضنَ منْ نجْدِ
لعمري لقدْ مرَّتْ ليَ الطَّيرُ آنفاً ... بما لمْ يكنْ إذْ مرَّتِ الطَّيرُ منْ بدِّ
ظللتُ أُساقي الموتَ إخوتيَ الأُلى ... أبوهمْ أبي عندَ المزاحِ أو الجدِّ
كِلانا يُنادي يا نزارُ وبينَنا ... قناً منْ قنا الخطِّيّ أوْ منْ قنا الهنْدِ
قرومٌ تسامَى منْ نزارٍ عليهمِ ... مضاعفةٌ منْ نسجِ داوودَ والسُّغْدِ
إذا ما حملْنا حملةً مثلوا لنا ... بمرهفةٍ تُذري السَّواعدَ منْ صعْدِ
وإنْ نحنُ نازلناهمُ بصوارمٍ ... ردوا في سرابيلِ الحديدِ كما نردي
كفى حزناً أنْ لا أزالَ أرى القنا ... يمجُّ نجيعاً منْ ذراعي ومنْ عضدي
لعمري لئنْ رمتُ الخروجَ عليهمِ ... بقيسٍ على قيسٍ وعوفٍ على سعْدِ
وضيَّعتُ عمراً والرّبابَ ودارماً ... وعمرو بنَ أُدٍّ كيفَ أصبرُ عنْ أُدِّ
لكنتُ كمهريقِ الذي في سقائهِ ... لرقراقِ آلٍ فوقَ رابيةٍ صلْدِ
كمرضعةٍ أولادَ أُخرى وضيَّعتْ ... بني بطنِها هذا الضَّلالُ عنِ القصْدِ
فأُوصيكُما يا بنيْ نزارٍ فتابعا ... وصيَّةَ مُفضي النُّصحِ والصِّدقِ والودِّ
فلا تعلمنَّ الحربَ في الهامِ هامتي ... ولا ترميا بالنَّبلِ ويْحكُما بعدي
أما ترهبانِ اللهَ في ابنِ أبيكُما ... ولا ترجوانِ اللهَ في جنَّةِ الخلْدِ
فما تربُ أثرى لوْ جمعتُ ترابها ... بأكثرَ من إبنيْ نزارٍ على العدِّ
هُما كنفا الأرضِ اللَّذا لوْ تزعزعا ... تزعزعَ ما بينَ الجنوبِ إلى السُّدِّ
وإنِّي وإنْ غادرتهمْ أو جفوتهمْ ... لتألمُ ممَّا عضَّ أكبادهمْ كبدي
فإنَّ أبي عندَ الحفاظِ أبوهمُ ... وخالهمُ خالي وجدُّهمُ جدي
رماحهمُ في الطُّولِ مثلُ رماحِنا ... وهمْ مثلُنا قدَّ السُّيورِ منَ الجلْدِ
وقال زياد بن زيد العذري بن مالك بن عامر بن ثعلبة بن قرَّة بن خنيس بن ثعلبة بن ذبيان بن الحارث بن سعد بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن إلحاف بن قضاعة:
أراكَ خليلاً قدْ عزمتَ التَّجنُّبا ... وقطَّعتَ أوطارَ الفؤادِ المحجَّبا
فوصلاً ولا تقطعْ علائقَ خلَّةٍ ... أُميمة حتَّى بتَّها فتقضَّبا
ولا تكُ كالنَّاسي الخليل إذا دنتْ ... بهِ الدَّارُ والباكي إذا ما تغيَّبا
فسلِّ الهوى أو كنْ إذا ما لقيتَها ... كذي ظفرٍ يرمي إذا الصيدُ أسقَبا
فقدْ أعذرتْ صرفُ الدِّيارِ بأهلِها ... وشحطُ النَّوى بيني وبينكَ مطلَبا
فأصبحَ منْ بعدِ الفراقِ عميدُها ... خليلاً إذا ما النَّأي عنها تطرَّبا
فلا هيَ تألو ما نأتْ وتباعدتْ ... ولا هوَ يألو ما دنا وتقرَّبا
فكيفَ تلومُ النَّفسَ فيما هجرتَها ... وللقلبُ فيما لمتَها كانَ أذنَبا