برديةٌ سبقَ النعيمُ بها ... أقرانها وغلا بها عظمُ

وتريكَ وجهاً كالصحيفةِ لا ... ظمأَنُ مختلجٌ ولا جهمُ

كعقيلةِ الدارِّ استضاءَ بها ... محرابَ عرشِ عزيزها العجمُ

أغلَى بها ثمناً وجاءَ بها ... شختُ العظامِ كأنهُ سهمُ

بلبانهِ زيتٌ وأخرجها ... من ذِي غوارِبَ وسطهُ اللخمُ

أو بيضةِ الدعصِ التي وضعتْ ... في الأرضِ ليسَ لِمسِّها حجمُ

سبقتْ قرائنها وأدفأها ... قردٌ كأنَّ جناحَهُ هدمُ

ويضمُّها دونَ الجناحِ بدفِّهِ ... وتحفُّهنَّ قوادِمٌ قتمُ

لم تعتذرْ منها مدافِعُ ذي ... ضالٍ ولا عقبٌ ولا الزخْمُ

وتضلُّ مدارها المواشطُ في ... جعدٍ أغمَّ كأنهُ كرمُ

لولا تسلي حاجةً عرضتْ ... علقَ القرينةِ حبلُها جذمُ

ومعبدٍ قلقِ المجازِ كبا ... رِيِّ الصنَاعِ إكامُهُ درْمُ

للقارباتِ من القطا نقرٌ ... في جانبيهِ كأنها الرقْمُ

عارضتهُ ملَثَ الظلامِ بمذْ ... عانِ العشِيِّ كأنَّها قرمُ

تذرُ الحصى فلقَاً إذا غضبتْ ... وجرى بحدِّ سرابِها الأكمُ

قلقتْ إذا انحدَرَ الطريقُ لها ... قلقَ المحالة ضمها الدعمُ

لحقتْ لها عجزٌ مؤيدةٌ ... عقدَ الفقارِ وكاهِلٌ ضخمُ

وقوائمٌ عوجٌ كأعمِدَةِ ال ... بُنيانِ عواليَ فوقَها اللحمُ

وإذا رفعتَ السوطَ أفزعَها ... بين الضلوعِ مروَّعٌ شَهْمٌ

وتسدُّ حاذَيْها بذي خُصلٍ ... عقمتْ فنعمَ نبتُها العُقْمُ

ولها مناسِمُ كالمواقعِ لا ... معرٌ أشاعِرُها ولا كُزْمُ

وتقيلُ في ظلِّ الخباءِ كما ... يغشَى كناسَ الضالةِ الرئمُ

كتريكةِ السيلِ التي حُبِستْ ... بشَفا المَسِيلِ ودونَها الرضمُ

بليتُها حتى أؤديها ... دمٌ العظامُ وينفد اللحمُ

وتقولُ عاذلتي وليسَ لها ... بغدٍ ولا ما بعدَهُ علمُ

إنَّ الثراءَ هو الخلودُ وإ ... نَّ المرءَ يُكْرِبُ يومَهُ العُدْمُ

إني وجدك ما تخلدني ... مئةٌ يطيرُ عفاؤها أدمُ

ولئنْ بنيتَ لِيَ المشقرَ في ... هضبٍ تقصرُ دونهُ العُصْمُ

لتنقبنْ عني المنيةُ إ ... نَّ اللهَ ليسَ كحكمِهِ حُكْمُ

إنِّي وجدْتُ الأمرَ أرشدهُ ... تقوى الإلهِ وشرهُ الإثْمُ

وقال المخبل أيضاً: الكامل

أعرفتَ منْ سلمَى رسُومِ ديارِ ... بالشطِ بينَ مخفقٍ وصُحارِ

وكأنَّما أثرُ النعاج بجوِّها ... بمدافعِ الرُّكنَيْنِ ودْعُ جواري

وسألتُها عنْ أهلِها فوجدْتُها ... عمياءَ جافيةً عن الأخبارِ

وكأنَّ عينَي غربُ أدهَمَ داجِنٍ ... متعودِ الإقبال والإدبارِ

تئقٌ يقسمُ زارِعٌ أنهارَهُ ... بالمرِّ يقسمهُنَّ بينَ دبارِ

حتَّى إذا مالَ النهارُ وأنزفَتْ ... عيني الدموعُ وقلتُ أيُّ مزارِ

قربتُ حادِرَةَ المناكِبِ حرةً ... خلقتْ مطيةَ رحلَةٍ وسِفارِ

أجداً مداخلةً كأنَّ فروجَها ... بلقُ الموارِدِ من خلالِ عِفارِ

ويلي بياضَ الأرضِ من أخفافِها ... سمرُ الطباقِ غليظَةُ الأصبارِ

وكأنّما رفعت يديْ نواحةٍ ... شمطاءَ قامتْ غيرَ ذاتِ خمارِ

وكنها لمَّا غَدَتْ سرويَّةٌ ... مسعودةٌ باللحمِ أمُّ جوارِ

وكأنما علقتْ وليَّةُ كورِها ... وقتودَها بمصدرٍ عيارِ

غردٍ تربَّعَ في ربيعٍ ذي ندًى ... بينَ الصليبِ فصوة الأحفارِ

فرعَى بصوتهِ ثلاثةَ أشهُرٍ ... وهراقَ ماءَ البقلِ في الأسآرِ

حتى إذا أخذَ المراغُ نسيلَهُ ... من مدمجٍ من خلقهِ وشوارِ

ورمَى أنابيشَ الشفا أرساغُهُ ... من كلِّ ظاهرةٍ وكلِّ قرارِ

وتجنبَ القربانَ واختارَ الصُّوى ... يعدُو بهنَّ كفارسِ المضمارِ

ذكرَ العيونَ وعارضَتْهُ سمحَجٌ ... حملتْ لهُ شهْر ين بعَد نزارِ

يرضى بصحبتها إذا برزتْ لهُ ... وأشذْ عنها إلفَ كلِّ حمارِ

فأقالها بقرارةٍ فيها السفا ... ظمأى وطلَّ كأنهُ بإسَارِ

وتفقدا ماءَ القِلاتِ فلَمْ يجدْ ... إلا بقيةِ آجنٍ أصفارِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015