وأزجُرُ فيها قبلَ تمِّ ضحائِهَا ... منيحَ القداحِ والصريعَ المجبرَا
تخيرَ نبعَ العيكتينِ ودونهُ ... متالفُ هضبٍ تحبسُ الطيرَ أوعَرَا
فمازالَ حتى نالهُ متغلغلٌ ... تخيرَ من أمثالِهِ ما تخيرَا
فشذبَ عنهُ النبعَ ثمَّ غدا بهِ ... مجلاً من اللائي يفدين مطحرا
يطيعُ البنانَ غمزهُ وهو مانعٌ ... كأنَّ عليهِ زعفراناً معطرَا
تخرُّ حظاءُ النبعِ تحتَ جبينِهِ ... إذا سنحتْ أيدي المفيضينَ صدَّرَا
تبادرُهُ أيدي الرِّجالِ إذا نبتْ ... نواهدَ من أيدِي السرابيلِ حُسَّرَا
وإنِّي لأستحيي وفي الحقِّ مستحًى ... إذا جاءَ باغِي العرفِ أنْ أتعذَّرَا
إذا متُّ عن ذكرِ القوافي فلنْ ترى ... لها تالياً مثلي أطبَّ وأشعَرا
وأكثرَ بيتاً مارِدَاً ضربتْ لهُ ... حزونُ جبالِ الشعرِ حتى تيسرا
أغرَّ غريباً يمسحُ الناسُ وجههُ ... كما تمسحُ الأيدِي الأغرَّ المشهرَا
فإنْ تكُ عرسي نامتِ الليلَ كلهُ ... فقدْ وكلتني أنْ أصبَّ وأسهرَا
ألاَ ليتَ ليلى بينَ أجمادِ عاجفٍ ... وتعشارَ أجْلَى في سريجٍ فأسفَرَا
ولكنما ليلى بأرضٍ غريبةٍ ... تقاسِي إذا النجمُ العراقيُّ غورا
فإمَّا ترينا ألحمتنا رماحنا ... وخفةُ أحلامٍ ضباعاً وأنسُرَا
فما نحنُ إلاّ منْ قرونٍ تنقصَتْ ... بأصغَر مما قدْ لقيتُ وأكثرَا
وشاعرِ قومٍ معجبينَ بشعرهِ ... مددتُ لهُ طولَ العِنانِ فقصَّرا
لقدْ كانَ فينا منْ يحوطُ ذمارَنا ... ويحذي الكمِيَّ الزاعبيَّ المؤمَّرَا
وينفعنا يومَ البلاءِ بلاؤُهُ ... إذا استلْحمَ الأمرُ الدَّثُورَ المغمرَا
وخطارةٍ لم ينصحِ السلمُ فرجَهَا ... تلقحُ بالمرَّانِ حتى تشذرا
شهدنَا فلمْ نحرمْ صدُرَ رماحنا ... مقاتِلَها والمشرفيَّ المذكرَّا
وكنَّا إذا ما الخصمُ ذو الضِّعْنِ هزَّنَا ... قذّعْنَا الجموحَ واختلعنا المعذرا
نقومُ بجلانا فنكشفُهَا معاً ... وإنْ رامنا أعمَى العشيةِ أبصرَا
ويقدمنَا سلافُ حيٍّ أعزَّةٍ ... نحلَّ جناحاً أو نحلُّ محجرَا
كأنْ لم تبوئنَا عناجيجُ كالقَنا ... جناباً تحامَاهُ السَّنابكُ أخضرَا
ولمْ يجرِ بالأخبارِ بيني وبينهْ ... أشقًّ سبُوحٌ لحمهُ قد تحسرَا
كأنَّ يديهِ والغلامُ يكفُّهُ ... جناحانِ من سوذانقٍ حينَ أدبرَا
أقبُّ كسرحانِ الغضا راحَ مؤصلاً ... إذا خافَ إدراكَ الطوالبِ شمرَا
ألهفي على عزٍّ عزيزٍ وظهرةٍ ... وظلِّ شبابٍ كنتُ فيهِ فأدبَرَا
ولهفيْ على حييْ حنيفٍ كليهمَا ... إذا الغيثُ أمسَى كابيَ اللونِ أغبَرَا
تذكرني حييْ حنيفٍ كليْهمَا ... حمامٌ ترادفنَ الرَّكِيَّ المعوَّرَا
وماليَ لا أبكِي الديارَ وأهلَهَا ... وقدْ حلهَا روادُ عكٍّ وحميرَا
وإنَّ بني قينانَ أصبحَ سربُهُمْ ... بجرعاءِ عبسٍ آمِناً أنْ ينفِّرَا
وقال المخبل واسمهُ ربيعة بن مالك بن قتال بن أنفِ الناقة واسمه جعفر بن قريع بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم بن مر وإنما لقب المخبل لخبلٍ كان به وهي مفضلية وقرأتها حفظاً على شيخي أبي محمد بن الخشاب في جملة المفضليات: الكامل
ذكر الربابَ وذكرُها سقْمُ ... فصبَا وليسَ لِمنْ صَبا حِلْمُ
وإذا ألَمَّ خيالُها طُرِفَتْ ... عيني فماءُ شؤونِها سجْمُ
كاللؤلؤِ المسجورِ أغفلَ في ... سلكِ النظامِ فخانَهُ النظمُ
وأرَى لها داراً بأغدرَةِ ال ... سيدانِ لم يدرسْ لها رسْمُ
إلاَّ رَماداً دارساً دفَعتْ ... عنهُ الرياحَ خوالِدٌ سحْمُ
وبقيةَ النؤي الذي رفعَتْ ... أعضادُهُ فثَوَى لهُ جذمُ
فكأنَّ ما أبقَى البوارِحُ والأ ... مطارُ منْ عرصاتِها الوشمُ
تقرو بها البقْرُ المسارِبَ واخ ... تلطتْ بها الآرَامُ والأُدْمُ
وكأنَّ أطْلاءَ الجآذِرِ وال ... غزلانِ حولَ رُسُومها البهمُ
ولقدْ تحلُّ بها الرَّبابُ لها ... سلفٌ يفلُّ عدوَّها فخمُ