فما أدركتْنا يا بنَ مروانَ دونَكمْ ... صلاةٌ لأُولى في مُناخٍ ولا فجرِ

ولا هيَ إلاّ وَقعةٌ كلّما الْتظى ... أُوارُ الحصى في كلِّ هاجرةٍ وغْرِ

وتَحليلٍ شُعْثٍ غَوَّروا رفعوا لهمْ ... بناءً بنَوهُ فوقَ ظُفْرٍ على ظُفرِ

إذا استَنْشَصَتْهُ الريحُ أو رسبَتْ لهُ ... علينا القُوى ضربَ الحبالةِ بالنَّسْرِ

تراهُ سماءً بينَ حَيلَيْنِ ما لهُ ... سوى ذاكَ ظِلٌّ من كِفاءٍ ولا سِترِ

إذا البارحُ الحامي الوَديقةِ لفَّهُ ... علينا ترى مُسْتَكْشِماً أشَرَ المُهْرِ

وقال أبو حية، وأدرك زمن هشام بن عبد الملك، يمدح يزيد بن عتّاب بن الأصمّ بن مالك:

قِفا حَيِّيا الأطلالَ من مَسقِطِ اللِّوى ... وهلْ في تحيّاتِ الرسومِ جَداءُ

وماذا تُحيِّي من رسومٍ تَبدَّلتْ ... شعوبُ النَّوى عنها وهنَّ قَواءُ

علاهُنَّ بعدَ الحيِّ كلُّ مُجَلجلٍ ... مَحاهُنَّ تيّارٌ لهُ وغُثاءُ

وأقفرَ وادِيهِنَّ واحتفَرَتْ بهِ ... ماكنسُ عِينٍ باقرٌ وظِباءُ

فشاقَكَ ممّا أحْرثَ الحيَّ منزلٌ ... رُكامُ الحصى والمجْنَحاتُ خلاءُ

ورَبعٌ بأعلى ذي الجِذاةِ كأنّما ... على مَتنِهِ منْ حضرَمَوتَ رداءُ

إذا انغمستْ أولى النجومِ تلعَّبتْ ... بهِ قصَباتٌ مُزنُهُنَّ رَواءُ

كأنَّ لم يُرى فيهِ الجميعُ ولم تَصِحْ ... بهمْ نيّةٌ تُغري الديارَ جَلاءُ

بلى ثمَّ أجْلَتْ نيّةٌ ليسَ بعدَها ... لرَيّا ولا أمِّ البنينَ لقاءُ

تذكَّرتُ عصراً قد مضى وصِحابةً ... ولم تكُ عمّا قدْ ذكرتُ عَداءُ

لياليَ تنْآها ولو شئتَ زُرتَها ... وكيفَ معَ الواشي المُطِلِّ تشاءُ

إليكَ ابنَ عَتابٍ رحَلْنا وساقَنا ... منَ الغَورِ جدْبٌ مُوصَدٌ وعِداءُ

وعامٌ كحدِّ السيفِ أمّا ربيعُهُ ... فنحْرٌ وأمّا قَيظُهُ ففناءُ

بمُعْصَوْصِياتِ السَّبْرِ صُعْرٍ من البُرى ... خواضعُ أدنى سيرِهنَّ نَجاءُ

إذا ما فلاةُ الخِمسِ أضحتْ كأنَّها ... مُنَطَّقةٌ أعلامُهنَّ مُلاءُ

قطعْنَ فلاةَ الخِمسِ لمّا لقِينَها ... غِشاشاً ولم يُرقَبْ أنىً وَضَحاءُ

مُضَبّرةَ الأصلابِ في ثَفِناتِها ... زُلوجٌ وفي أعضادِهنَّ عَداءُ

وكمْ قدْ تركْنا من مُعَرِّسِ ساعةٍ ... بهِ لحديدِ المِرفقَيْنِ عُواءُ

أصابَ طَلىً من حشْرَةٍ جاءَ فوقَهُ ... منَ الماءِ والغِرْسِ والفَضيضِ غطاءُ

جرى بينَ حاذَيْ عَنْتَرِيسٍ تَراغبَتْ ... على الرَّحْلِ منها جُفْرةٌ وبناءُ

يزُرنَ ابنَ عَتّابٍ ويرجونَ فِعلَهُ ... إذا حانَ من حاجاتِهنَّ قضاءُ

يزَرْنَ جَنابيّاً أغَرَّ كأنّهُ ... سَنا البدرِ فيهِ للظلامِ جِلاءُ

وجدْنا قِراكُمْ في حِياضٍ رَغيبةٍ ... وهنَّ على رَغْبٍ بهنَّ مِلاءُ

بَناهُنَّ عَتّابٌ وأوصاكَ بعدَهُ ... بهنَّ فلمْ يُهدمْ لهنَّ بناءُ

عَلالِيُّ مِنْ سعيِ الأصمِّ بن مالكٍ ... وكلُّ الذي أسدى الأصمُّ سَناءُ

إذا ضِيمَ قومٌ أو أقرُّوا ظَلامةً ... نفى الضيمَ عنكمْ عزّةٌ وإباءُ

وقمتُمْ بأسيافٍ حِدادٍ وألسُنٍ ... طِوالٍ وأرماحٍ بهنَّ دماءُ

وما قادَكمْ يوماً منَ الناسِ معشَرٌ ... وما زالَ فيكمْ قائدٌ ولِواءُ

إذا سارَ قومٌ للعُلى سرْتَ فوقَهمْ ... إلى شُرُفاتٍ ما بهنَّ خَفاءُ

بلغْتٌمْ نجومَ الليلِ فضلاً وعزّةً ... ومجداً فأنتمْ والنجومُ سَواءُ

وقال أبو حيّة:

أأبكاكَ رسمُ المنزلِ المُتقادمِ ... بأمْراسَ أقوى من حلولِ الأصارمِ

وجرَّتْ بها العَصرَيْنِ كلُّ مُطلّةٍ ... جَنونٍ ومَوجٍ طَمَّ فوقَ الجراثِمِ

إلى دَبْرِ شمسٍ لم يدَعْ سنَنُ الصَّبا ... ولا قصفُ زَمزامِ الأتِيِّ اللوالِمِ

سوى أنَّ دَوداةً مَلاعبَ صِبيةٍ ... على مُستوى منْ بينَ تِيكَ المخارمِ

وأخلاقٍ أنواءٍ تَعاوَرُن مَرْبعاً ... عليهنَّ رُوقاتُ القِيانِ الخوادمِ

سَجَوْنَ أديمَ الأرضِ حتى أحَلْنَهُ ... دونَ المُفعِماتِ الغواشمِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015