كما سجرَتْ ذااللَّهْدِ أمٌّ حَفِيّةٌ ... بيُمنى يدَيْها من يدَيْها من نَدِيٍّ مُعَسَّلِ
وباتَتْ تُلقّيها لَهاةً كأنّما ... بواطِنُها من جيّدِ الوَرْسِ تَطَّلي
وباتَتْ تُسقِّيهِ مَجاجاً كأنّهُ ... إذا جاءَ من حيزومِها ماءُ مِفصَلِ
فأصبحَ جَحْناً مُزْلِغَبّاً وأصبحَتْ ... تُراطِنُهُ في مُسْتَرادٍ ومَهْبَلِ
قَطاً لِقَطاً ما يُبتلى مُستقرُّهُ ... مُتونُ الفلا عن ذي مَقيلٍ بمَعزلِ
ولم يلتمسْ فحلاً أبوها وإنّما ... بناتُ أبيها كلُّ أرقطَ مُحْثَلِ
وقال مُزاحم أيضاً:
لصفراءَ هاجَتْكَ الغداةَ رسومُ ... كأنَّ بقاياها الجُرودَ وشُومُ
تراها على طولِ القَواءِ جديدةً ... وعهدُ المغاني بالحُلولِ قديمُ
منازلُ أمّا أهلُها فتحمَّلوا ... فبانوا وأمّا خيمُها فمقيمُ
بكتْ دارُهم من بعدِهمْ وتَهلَّلتْ ... دموعي فأيَّ الجازعينَ ألومُ
أَمُسْتَعْبِرٌ بالدارِ يبكي من الهوى ... أم آخرُ يبكي شَجوَهُ ويَهيمُ
خليلَيَّ هلْ بادٍ بهِ الشيبُ إنْ بكى ... وقدْ كانَ يُشكى بالعزاءِ مَلومُ
علَتْهُ غواشي عَبرةٍ ما يرُدُّها ... لها من شجونِ المأقِيَيْنِ سُجومُ
وقدْ يفرِطُ الجهلُ الفتى ثمَّ تَرعوي ... خِلافَ الصِّبا للجاهلينَ حُلومُ
وما ذاكَ إلاّ منْ جميعٍ تَفرَّقَتْ ... بهمْ نِيّةٌ بعدَ الجوارِ قَسُومُ
تَؤمُّ بهِ الآفاقَ حتى تُبِينَهُ ... مُعاودةٌ قَطْعَ الفِراقِ جَذُومُ
كما انشقَّ بُرْدُ العصْبِ منّي فأصبحوا ... فمُحتملٌ ولَّى وباتَ مُقيمُ
فذلكَ دأبٌ للنَّوى ليسَ مُخلِفي ... إذا كانَ لي جارٌ عليَّ كريمُ
فما للنَّوى لا بارَكَ اللهُ في النَّوى ... وأمرٌ لها بعدَ الخِلاجِ عَرِيمُ
كأنَّ لها ذَحْلاً عليَّ فتَبْتغي ... أذاتي وغَيظي إنّها لظلومُ
وفيمنْ تولّى حاجةٌ لكَ إنْ تمُتْ ... فعلَّ وإنْ تُبْلِلْ يُبِلَّ سقيمُ
فسلِّ الهوى إنْ لم تُساعِفْكَ نِيّةٌ ... بجدوى لأعناقِ المَطيِّ حَمومُ
بمائرةِ الضّبعَيْنِ أخلصَ مَتنَها ... صَلاً كرِتاجِ الهاجرِيِّ عقيمُ
سِنادٍ أُمرَّتْ في اعتدالٍ وخَلقُها ... مُضَبَّرُ أوساطِ العِظامِ جَريمُ
كأحقَبَ من وحشِ الغَميمِ بمَتنِهِ ... وليتَيْهِ من عضِّ الحميرِ كُدومُ
أطاعَ لهُ بالمِذْنبَيْنِ وَكَتْنَةٍ ... نَصِيٌّ وأحوى دُخَّلٍ وجَميمُ
فقدْ صارَ مَجدولاً أقَبَّ كأنّهُ ... عِنانٌ خلَتْ فيهِ يدٌ وشَكيمُ
يَسُوفُ بأنفَيْهِ اليَفاعَ كأنّهُ ... عنِ النفْلِ من فرْطِ النشاطِ كَعيمُ
شديدُ مُسَدّى البطنِ مُنكَفِتُ الحشا ... لهُ بالقَواري رَنّةٌ ونَهيمُ
أُشِبَّ بمِشْحاجِ العَشيّاتِ ضَمْعَجٍ ... فأفردَ عنها الجحشَ فهْوَ يتيمُ
لها ولَهُ دَورٌ بكلِّ قَرارةٍ ... ونقْعٍ بمُستلقى الفضاءِ قَويمُ
ندى الصيفِ حتى جاوبَ العِشْرِقُ السَّفا ... وهبَّتْ رياحٌ واستقلَّ نُجومُ
ولاحَهُما بعدَ النَّسيءِ ظَماءةٌ ... ولمْ يكُ عن وِردِ المياهِ عُكومُ
فراحا كأعطالِ المنيحَيْنِ فيهما ... ذبولٌ ولمّا يَصْمُلا وسُهومُ
نِجاداً يَرِدْنَ الماءَ حتى بدا لهُ ... وقدْ حانَ من ذاتِ العِشاءِ غيومُ
أشاءٌ وبَردِيٌّ تَنازَعَ سُوقَهُ ... برَبواءَ مأدُ الماءِ فهْوَ عَميمُ
فلمّا دنا خافَ الجِنانَ كما اتقى ... على نفسِهِ خاشي العقابِ جَريمُ
وبالأُفقِ الغربيِّ والشمسُ حيّةٌ ... سَبائبُ من أخرى النهارِ قُتومُ
وجاءَتْ تَقَدَّى في الدُّجى أخدرِيّةٌ ... على هَولِ نفْرِ الواديَيْنِ تدومُ
وفي قُتَرِ الناموسِ تحتَ صَفيحةٍ ... أخو قنَصٍ للهادياتِ كَلومُ
فلما دنَتْ دفْعُ اليدَيْنِ وأعرضَتْ ... لهُ صفحةٌ من جَوزِها وصَميمُ
تنكَّبَ من زَوراءَ يلحقُ نبلَها ... إلى الصيدِ عجزٌ في الشِّمالِ طَحومُ
بأخضرَ مَطرورِ الوَقيعةِ سَنَّهُ ... وحشَّرَهُ بالأمسِ فهْوَ زَليمُ