تَمجَّدَ ما يعلو الرجالَ وينتمي ... إذا قامَ في يومِ الحفيظةِ مُغْضَبا

وإنْ كانَ من حيٍّ كرامٍ أعزّةٍ ... وكانَ خِيارُ الحيِّ منهمْ مُرَكّبا

وكانتْ سَراةُ الحيِّ تعلمُ أنّهُ ... أعزَّهُمُ عزّاً وأكرمَهمْ أبا

مُزاحم العقيلي

وقال مُزاحم بن الحارث بن مُصرِّف بن الأعلم بن خُويلد بن عوف بن عامر بن عُقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة وسُئل جَرير عن أشعر الناس، فقال غلامٌ بناصفة يأكل لحوم الوحش يعني مُزاحماً:

خليليَّ عُوجا بي على الرَّبْعِ نسألِ ... متى عهدُهُ بالظاعنِ المُتحمِّلِ

فإنْ تُعْجِلاني بانصرافٍ أهجِكُما ... على عَبْرَةٍ أو تَرْقئا عينَ مُعْوِلِ

فإنّكما إنْ تدعُوانِي لمثلِها ... وطاوَعْتُماني في الذي قلتُ أفعَلِ

فعُجْتُ وعاجا فوقَ بيداءَ أصفقَتْ ... بها الريحُ جَولانَ الترابِ المُنخَّلِ

وما هاجَهُ من دِمنةٍ بانَ أهلُها ... وأمسَتْ قوىً بينَ الحصيرِ ومُحْبَلِ

كأنَّ حصاها من تقادُمِ عهدِها ... صِعابُ الأعالي أُبَّدٌ لمْ تَحَلَّلِ

وهابٍ كجُثمانِ الحمامةِ أجفلَتْ ... بهِ ريحُ تَرْجٍ والصَّبا كلَّ مُجْفَلِ

تكادُ مغانيَها تقولُ منَ البِلى ... لسائلِها عن أهلِها لا تَعمَّلِ

وقفْتُ بها فانْهَلَّتِ العينُ بعدَما ... قرَتْ حِقَباً أسبالها لم تَهلَّلِ

ذهاباً جرَتْ نفحَيْنِ جَوداً ودِيمةً ... كما انهلَّ غرباً زارِع فوقَ جدولِ

عَزاءً على ما فاتَ من وصْلِ خُلّةٍ ... ورَيْق شبابٍ شَلَّهُ الشيبُ مُنْجَلي

ألا لا تُذَكِّرْني أميمةَ إنّها ... متى ما يُراجِعْ ذِكرُها القلبُ يجهلِ

سجنْتُ الهوى في الصدرِ حتى تطلَّعتْ ... بناتُ الهوى يُعْوِلْنَ من كلِّ مِعوَلِ

ومثلُ ليالينا بخَطْمَةَ واللِّوى ... بُكِينَ وأيامٍ قِصارٍ بمأْسَلِ

إذِ العيشُ لم ينكَدْ ولم يظهرِ الأذى ... على أحدٍ والأرضُ لم تَتزلزَلِ

وإذْ أنا في رُودِ الشبابِ الذي مضى ... أغرُّ كنصلِ السيفِ أحوى المُرَجَّلِ

حبيبٌ إلى البِيضِ الأوانسِ نازلٌ ... ليَ الجاهُ من ألبابِها كلَّ منزِلِ

تَخطّى إليَّ الكاشحينَ عيونُها ... إذا حضرَتْ دونَ الحديثِ المُفصَّلِ

تُطالعُني من خلِّ كلِّ خَصاصةٍ ... وكُفَّةِ ديباجٍ وسِترٍ مُهوَّلِ

طِلاعَ المها الرَّقْديّ رِيعَ وفوقَهُ ... أراكٌ وأرْطىً من قساءٍ وحَومَلِ

بنُجْلٍ كأعناقِ المها العِينِ أتلعَتْ ... لِطافِ العيونِ لذّةِ المُتأمِّلِ

ترى في سنا الماذِيِّ في العصرِ والضحى ... على غفَلاتِ الزَّينِ والمُتجمّلِ

وجوهاً لوَ انَّ المُدلجينَ اعْتَشَوا بها ... صدَعْنَ الدُّجى حتى ترى الليلَ ينجلي

نواعمَ يركُلْنَ الذيولَ برَخْصةٍ ... سِباطٍ وخَدْلاتٍ رِواءِ المُخلْخَلِ

ولُفَّ كأفخاذِ البَخاتِيّ ردَّها ... إلى مَعْلَفٍ تَنْهاتهُ بابِ مُكْبَلِ

أباحَتْ لهنَّ المَشرفيّةُ والقَنا ... أباطحَ نجْدٍ من فلاةٍ ومَنهَلِ

فهُنَّ يُصرِّفْنَ النَّوى بينَ عالجٍ ... ونَجرانَ تصريفَ الأديبِ المُذلَّلِ

لهُنَّ على الريّانِ في كلِّ صَيفةٍ ... فما ضمَّ ميْثُ الأزوَرَيْنِ فجُلْجُلِ

خيامٌ إذا خَبَّ السَّفا عرضَتْ لها ... جوائزُ تُعْلى بالثُّمامِ المُظلِّلِ

مكانسُ بَيضٍ كلُّ بيضاءَ تلتقي ... عليها رِواقا فارسيٍّ مُكلَّلِ

وبِيضٍ رغَبْتُ الوصلَ منها ومثلَها ... تركْتُ سُدىً في مُحسنِ القولِ مجمِلِ

حِذاراً على نفسي هَوايَ وللفتى ... مَتالفُ زَلاّتٌ إذا لم تأمَّلِ

ويومَ تلافَيْتُ الصِّبا أنْ يَفوتَني ... بصهباءَ تطوي تَفْنَفَ البيدِ عَنْسَلِ

تُلاعبُ حاذَيْها وتَطَّرِحُ الشذى ... بأصهبَ ضافٍ سابغِ المُتذَيِّلِ

تُنيفُ بهِ طَوراً وطَوراً تَخالُهُ ... مَخاريقَ بالأقرابِ أو نفْحَ مِشْمَلِ

لها وَرِكٌ كالجَوبِ لُزَّ فَقارُهُ ... نمَتْ صُعُداً في ناشزِ الخَلْقِ مُكمَلِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015