ولا جشعٌ من خلةٍ متكشفٌ ... ولا مرحٌ تحتَ الغنَى يتخيلُ
ولا تزدهِي الأطماعُ حلْمِي ولا أُرَى ... سؤولاً بأعْقابِ الأحاديثِ أُنْمِلُ
وليلةِ ضرٍّ يصطلِي القوْسَ رَبُّها ... وأقطُعَهُ اللاتِي بها يتنبَّلُ
دعستُ على غطشٍ وبغشٍ وصحبتي ... سعارٌ وأرزِيزٌ ووجرٌ وأفكلُ
فأيمتُ نسواناً وأيتمتُ إلدةً ... وعدتُ كما أبدأتُ والليْلُ أليَلُ
وأصبحَ عني بالغميصاءِ جالساً ... فريقانِ مسؤولٌ وآخرَ يسألُ
فقالوا لقد هرتْ بليلٍ كلابُنا ... فقلنا أذئبٌ عسَّ أمْ عسَّ فرعُلُ
ولمْ تك إلاَّ نبأةٌ ثمَّ هومتْ ... فقلنا قطاً قدْ ريعَ أمْ ريعَ أجدَلُ
فإنْ يكُ منْ جنٍّ لأبرحَ طارِقاً ... وإنْ يكُ إنْساً ماكها الإنسُ تفعلُ
ويومٍ منَ الشعْرَى يذوبُ لعابُهُ ... أفاعِيهِ في رمضائِهِ يتململُ
نصبتُ لهُ وجهِي ولكنَّ دونهُ ... ولا سِترَ إلاَّ الأتحمِيُّ المرعبلُ
وضافٍ إذا هبتْ لهُ الريحُ طيَّرتْ ... لبائدَ عنْ أعطافِهِ ما ترَجَّلُ
بعيدٍ بِمَسِّ الدهْنِ والفَلْيِِ عهدهُ ... لهُ عبسٌ جافٍ عن الغسلِ محولُ
وخرقٍ كظهرِ الترسِ رحبٍ قطعتهُ ... بعاملتينِ ظهرهُ ليسَ يعملُ
فألحقْتُ أولاهُ بأخراهُ موفياً ... على قنةٍ أقعِي مراراً وأمثلُ
ترودُ الأراوِي الصحمُ حولِي كأنها ... عذارى عليهنَّ الملاءُ المذيلُ
ويركدْنَ بالآصالِ حولِي كأننِي ... منَ العصمِ أدْفَى ينتحِي الكيحَ أعقلُ
وقال الشنفري أيضاً، وهي مفضليةٌ: الطويل
أرَى أمَّ عمرو أزمعتْ فاستقلَّتِ ... وما ودعتْ جيرانَها إذْ تولتِ
وقدْ سبقتنا أمُّ عمرٍو بأمرِها ... وكانتْ بأعناقِ المطِيِّ أظلَّتِ
بعينَيَّ ما أمْسَتْ فباتَتْ فأصبحَتْ ... فقضتْ أموراً فاستقلتْ فولتِ
فواكبدِي على أميمةَ بعدما ... تولتْ فهبها نعمةَ العيشِ زلتِ
لقدْ أعجبتنِي لا سقوطاً قناعُها ... إذا ما مشتْ ولا بذاتِ تلفتِ
تبيتُ بعيدَ النومِ تهدِي غيوقَها ... لجارتِها إذا الهديَّةُ قلتِ
تحلُّ بمنجاةٍ من اللومِ بيتُها ... إذا ما بيوتٌ بالمذمَّةِ حلتِ
كأنَّ لها في الأرضِ نسياً تقصُّهُ ... على أمها وإنْ تحدثكَ تبلتِ
أميمةُ لا يُخْزِي نثاها حليلُها ... إذا ذكرَ النسوانُ عفتْ وجلتِ
إذا هوَ أمسَى آبَ قرةَ عينهِ ... مآبَ السعيدِ لمْ يقلْ أينَ ظلتِ
فدقتْ وجلَّتْ واسبكرَّتْ وأكملتْ ... فلوْ جنَّ إنسانٌ من الحُسْنِ جنتِ
فبتنا كأنَّ البيتَ حجرَ حولَنا ... بريحانةٍ ريحتْ عشاءً وطلتِ
بريحانةٍ من بطنِ حليةَ نورَتْ ... لها أرَجٌ ما حولَها غيرُ مسنتِ
وباضعةٍ حمرِ القسِيِّ بعثتُها ... ومن يغزُ يغنمْ مرةً ويشمتِ
خرجنْا من الوادِي الذي بينَ مشعلٍ ... وبينَ الجبا هيهاتَ أنشأتُ سربتِي
أمشِّي على الأرضِ التي لمْ تضرُّنِي ... لأنكِيَ قوماً أو أصادِفَ حمتِي
أمشي على أيْنِ الغزاةِ وبعدها ... يقربني منها رواحِي وغدوتِي
وأمُّ عيالٍ قدْ شهدتُ تقوتهمْ ... إذا أطعمتهمْ أو تحتْ وأقلَّتِ
تخافُ علينا العيلَ إنْ هيَ أكثرتْ ... ونحنُ جياعٌ أيَّ آلٍ تألَّتِ
مصعلكَةٍ لا يقصرُ السترُ دونها ... ولا ترتجَى للبيتِ إنْ لمْ تبيتِ
لها وفضةٌ فيها ثلاثونَ سيحفاً ... إذا آنستْ أولَى العدِيِّ اقشعرَّتِ
وتأتي العدِيَّ بارزاً نصفُ ساقِها ... تجولُ كعيرِ العانةِ المتفلتِ
إذا فزعُوا طارتْ بأبيضَ صارِمٍ ... ورامتْ بها في جفرها ثمَّ سلتِ
تراها كأذنابِ الحسيلِ صوادِراً ... وقدْ نهلتْ من الدماءِ وعلتِ
شفينا بعبدِ اللهِ بعضَ غليلِنا ... وعوفٍ لدى المعدَى أوانَ أدَلَّتِ
جزينا سلامانَ بنَ مفرجَ قرضَها ... بما قدَّمَتْ أيديهمُ وأزلَّتِ
ألا لا تزرنِي إنْ تشكيتُ خلتِي ... شفانِي بأعلَى ذي الحميرةِ عدوتِي
وهنئَ بي قومِي وما إنْ هنأتُهُمْ ... وأصبحتُ في قومٍ وليسُوا بمنبتي