وإني لأغنَى الناسِ عن متكلفٍ ... يرى الناسَ ضلالاً وليْسَ بمهتَدِي
كثيرُ المنَى بالزادِ لا خيرَ عندَهُ ... إذا جاعَ يوماً يشتكيهِ ضُحى الغدِ
نشا غمراً بوراً شقيّاً ملعناً ... ألدَّ كأنَّ رأسَهُ رأسُ أصيدِ
وذِي شيمةٍ غراءَ يسخطُ شيمتِي ... أقولُ لهُ دعنِي ونفسكَ فارشدِ
فما المالُ والأحلامُ إلاَّ معارَةٌ ... فما اسطَعْتَ من معروفِها فتزودِ
متى ما تقدْ بالباطلِ الحقَّ يأْبَهُ ... وإن قدْتَ بالحقِّ الَّرواسِي تنقدِ
إذا ما أتيتَ الأمرَ من غيرِ بابهِ ... ضللتَ وإنْ تدخُلْ من البابِ تهتدِي
فمن مبلغٌ عني شريكَ بنَ جابرٍ ... رسولاً إذا ما جاءهُ وابنَ مرثدِ
فأقسمتُ لا أعطِي يزيدَ رَهينةً ... سوى السيفَ حتى لا تنوءَ لهُ يدِي
فلا يبعدنَّ اللهُ عبدَ بنَ نافذٍ ... ومن يعلُهُ رُكنٌ من التُّرْبِ يبعدِ
آخر المختار من شعر قيس بن الخطيم وهو مُقِل
وقال الحادرةُ، واسمه قطبة بن محصن بن جرول بن حبيب بن عبد العزى ابن خزيمة بن رزام من ذبيان، وهو مقل جداً: الكامل
بكرتْ سميَّةُ غدوَةً فتمتعِ ... وغدتْ غدوَّ مفارقٍ لمْ يربعِ
وتزودَتْ عينِي غداةَ لقيتها ... بلوَى البنينةِ نظرةً لمْ تقلعِ
وتصدَّفَتْ حتى اسْتَبتكَ بواضحٍ ... صلتٍ كمنتصبِ الغزالِ الأتلعِ
وبمقلَتَيْ حوراءَ تحسبُ طرفها ... وسنانَ حرةِ مستهلِّ الأدمُعِ
وإذا تنازعُكَ الحديثَ رأيتَها ... حسناً تبسُّمها لذيذَ المكرعِ
بغريضِ ساريةٍ أدرتْهُ الصبا ... منْ ماءِ أسجرَ طيبِ المستنقعِ
ظلمَ البطاحَ لهُ انهلالُ حريصَةٍ ... فصفا النطافُ لهُ بعيدَ المقلعِ
لعبَ السيولُ بهِ فأصبحَ ماؤُهُ ... غلالاً تقطعَ في أصولِ الخروَعِ
أسميُّ ويحكِ هلْ سمعتِ بغدرةٍ ... رفعَ اللواءُ لنا بها في مجمعِ
إنا نعفٌّ فلا نريبُ حليفنا ... وكفُّ شحَّ نفوسنا في المطمعِ
ونقي بآمنِ مالِنا أحْسابَنا ... ونجرُّ في الهيجا الرماحَ وندَّعِي
ونخوضُ غمرةَ كلِّ يومِ كريهةٍ ... تردِي النفوسَ وغنمُها للأشجعِ
ونقيمُ في دارِ الحفاظِ بيوتنا ... زمناً ويظعنُ غيرُنا للأمرَعِ
بسبيلِ ثغرٍ لا يسرِّحُ أهلُهُ ... سقمٍ يشارُ لقاؤُهُ بالإصبَعِ
أسميُّ ما يدريكِ أنْ ربَ فتيةٍ ... باكرتُ لذتهُمْ بأدكنَ مترَعِ
محمرةً عقبَ الصبوحِ عيونهمْ ... بمرًى هناك من الحياةِ ومسمعِ
بكروا عليَّ بسحرةٍ فصبحتُهُمْ ... منْ عاتِقٍ كدَمِ الذبيحِ مشعشعِ
ومعرضٍ تغلِي المراجلُ تحتهُ ... عجلتُ طبختهُ لرهطٍ جوعِ
ولدَيَّ أشعثُ باسطٌ ليمينهِ ... قسماً لقدْ أنضجتَ لمْ يتورَّعِ
ومسهدِينَ منَ الكلالِ بعثتُهُمْ ... بعدَ الرقادِ إلى سواهمَ ظلَّعِ
أودَى السفارُ برمِّها فتخالُها ... هيماً مقطعةً حبالَ الأذرُعِ
تخدُ الفيافِي بالرِّحالِ وكلُّها ... تخدِي بمنخرقِ القميصِ سميْدَعِ
ومطيةٍ حملْتُ ظهرَ مطيةٍ ... حرجٍ تتمُّ من العثارِ بدعدعِ
ومناخِ غيرِ تئيةٍ عرستُهُ ... قمنٍ من الحدثانِ نابي المضجَعِ
عرستُهُ ووسادُ رأسي ساعدٌ ... خاظي البضيعِ عروقهُ لمْ تدسعِ
فرفعتُ عنهُ وهوَ أحمرُ قانئٌ ... قدْ بانَ مني غيرَ أنْ لمْ يقطعِ
فترى بحيثُ توكأتْ ثفناتُها ... أثراً كمفتحصِ القطا للمهجَعِ
وقال متممُ بن نويرةَ اليربوعي: الكامل
صرمتْ زنيبةُ حبلَ من لا يقطعُ ... حبلَ الخليلِ ولا الأمانةُ تفجعُ
ولقدْ حرصتُ على قليلِ متاعِها ... يومَ الرحيلِ فدمعُها المستنقعُ
جذِّي حبالكِ يا زنيبُ فإنني ... قدْ أستبدُّ بصرمِ منْ هو أقطَعُ
ولقدْ قطعتُ الوصلَ يومَ خلاجهِ ... وأخُو الصريمةِ في الأمورِ المزمِعُ
بمجدةٍ عنسٍ كأنَّ سراتَها ... فدَنٌ تطيفُ بهِ النبيطُ مرفَّعُ
قاظتْ أثالَ إلى الملا وتربَّعتْ ... بالحزنِ عازبةً تسنُّ وتودَعُ