ويومَ قريشٍ إذا أتونا بجمعهمْ ... وطئنا العدوَّ وطأةَ المتثاقلِ
وفي أحدٍ يومٌ لهمْ كانَ هجرنا ... نطاعنهُمْ بالسمهرِيّ الذوابلِ
ويومَ ثقيفٍ إذا أتينا ديارَهُمْ ... كتائبَ نمشِي حولها بالمناصلِ
ففروا وشدَّ اللهُ ركنَ نبيهِ ... بكلِّ فتَى حامِي الحقيقةِ باسلِ
ففرَّوا إلى حصنِ القصورِ وغلقُوا ... وكائِنْ ترى من مشفقٍ غير وائلِ
وأعطُوا بأيْدِيهمْ صغاراً وبايعوا ... فأولَى لكمْ أولَى حداةَ الزواملِ
وإنِّي لسهلٌ للصديقِ وإنني ... لأعدلُ رأسَ الأصْعَرِ المتمايلِ
وأجعلُ مالِي دونَ عرضِي وقايةً ... وأحجبهُ كيْ لا يطيبَ لآكلِ
وأيُّ جديدٍ ليسَ يدركهُ البلَى ... وأيُّ نعيمٍ ليسَ يوماً بزائلِ
وقال حسان يرثي أهل مؤتة عليهم السلام: الطويل
تأوبنِي ليلُ بيثربَ أعسرُ ... وهمٌّ إذا ما نومَ الناسُ مسهرُ
لذكرَى حبيبٍ هيجتْ ثمَّ عبرَةْ ... سفوحاً وأسبابُ البكاءِ التذكرُ
بلاءٌ وفقدانُ الحبيبِ بليةٌ ... وكمْ من كريمٍ يبتلَى ثم يصبرُ
رأيتُ خيارَ المؤمنينَ تواردُوا ... شعوبَ وقدْ خلفتُ فيمنَ يؤخرُ
فلا يبعدنَّ اللهُ قتلَى تتابعُوا ... بمؤتةَ منهمْ ذو الجناحينِ جعفرُ
وزيدٌ وعبدُ الله حينَ تتابعوا ... جميعاً وأسبابُ المنيةِ تخطرُ
غداةَ غدوا بالمؤمنينَ يقودهمْ ... إلى الموتِ ميمونُ النقيبةِ أزهرُ
أغرُّ كلونِ البدرِ من آلِ هاشمٍ ... شجاعٌ إذا سيمَ الظلامَةَ مجسرُ
فطاعَنَ حتَّى مالَ غيرَ موسدٍ ... بمعتركٍ فيهِ القنا يتكسرُ
فصارَ مع المستشهدينَ ثوابُهُ ... جنانٌ وملتفُّ الحدائقِ أخضرُ
وكنا نرى في جعفرٍ من محمدٍ ... وفاءً وأمراً حازماً حينَ يأمرُ
فما زالَ في الإسلامِ من آل هاشمٍ ... دعائمُ عزٍّ لا يزولُ ومفخرُ
همُ جبلُ الإسلام والناسُ حولَهُ ... رضامٌ إلى طودٍ يروقُ ويقهرُ
بهمْ تكشفُ اللأواءُ في كلِّ مأزقٍ ... عماسٍ إذا ما ضاقَ بالقومِ مصدرُ
همُ أولياءُ الله أنزلَ حكمَهُ ... عليهم وفيهمْ والكتابُ المطهرُ
بهاليلُ منهمْ جعفرٌ وابنُ عمهِ ... عليٌّ وفيهمْ أحمدُ المتخيرُ
وحمزةُ والعباسُ منهمْ ومنهمُ ... عقيلٌ ومنا العودُ من حيثُ يعصرُ
وقال حسان لما جاء بنو تميمٍ إلى النبي صلى الله عليه وسلم بشاعرهم وخطيبهم: البسيط
إنَّ الذوائبَ من فهرٍ وإخوتهمْ ... قدْ بينُوا سنةً للناسِ تتبعُ
يرضَى بها كلُّ من كانتْ سريرتُهُ ... تقوى الإلهِ وبالأمرِ الذي شرعْوا
قومٌ إذا حاربوا ضروا عدوهمُ ... أوْ حاولوا النفعَ في أشياعهم نفعوا
سجيةٌ تلكَ منهمْ غيرُ محدثةٍ ... إنَّ الخلائقَ حقاً شرُّها البدَعُ
لا يرقَعُ الناسُ ما أوهَتْ أكفهمُ ... عندَ الدفاعِ ولا يوهونَ ما رقعُوا
إنْ كانَ في الناسِ سباقونَ بعدهمُ ... فكلُّ سبقٍ لأدنَى سبقهمْ تبعُ
ولا يضنونَ عنْ مولًى بفضلِهمُ ... ولا يُصيبُهمُ في مطمعٍ طمعُ
لا يجهلُونَ وإنْ حاولتَ جهلهمُ ... في فضلِ أحلامهمْ عن ذاك متسعُ
أعفةٌ ذكرتْ في الحيّ عفتهمْ ... لا يطبعونَ ولا يرديهمِ الطبَعُ
كمْ من صديقٍ لهمْ نالوا كرامتهُ ... ومن عدوٍّ عليهمْ جاهدٍ خدعُوا
أعطوا نبيَّ الهدَى والبرَّ طاعتهُمْ ... فما ونَى قصرهمْ عنهُ وما نزعوا
إن قالَ سيرُوا أجدَّ السيرَ جهدهُمُ ... أو قالَ عوجوا علينا ساعةً ربعوا
ما زالَ سيرهمُ حتى استقادَ لهمْ ... أهلُ الصليبِ ومنَ كانتْ لهُ البيعُ
خذْ منهمُ ما أتوا عفواً إذا غضبوا ... ولا يكُن همكَ الأمرَ الذي منعُوا
فإنَّ في حربهمْ فاترُكْ عداوتهُمْ ... شراً يخاضُ عليهِ الصابُ والسلَعُ
نسمو إذا الحربُ نالتنا مخالبُها ... إذا الزعانفُ من أظفارِها خشعوا
لا فرحٌ إنْ أصابُوا من عدوهمِ ... وإنْ أصيبوا فلا خورٌ ولا جزعُ
كأنهمْ في الوغَى والموتُ مكتنعٌ ... أسدٌ ببيشةَ في أرْساغِها فدَعُ