فلا تكفرُونا ما فعلنا إليكمُ ... وأثنُوا بهِ والكُفْرُ بُورٌ صنائِعُهْ
كما لوْ فعلتمْ مثلَ ذاكَ إليهمُ ... لأثْنَوا بهِ ما يأثرُ القولَ سامعهْ
وقال حسانٌ: الكامل
أسألتَ رسمَ الدارِ أمْ لَمْ تسألِ ... بينَ الجوابِي فالبضيعِ فحومَلِ
فالمرجُ مرجُ الصفرينِ فجاسمٌ ... فديارُ سلمى درساً لمْ تحلَلِ
دارٌ لقومٍ قدْ أراهمْ مرةً ... فوقَ الأعزةِ عزهمْ لمْ ينقلِ
للهِ درُّ عصابَةٍ نادمتهمْ ... يوماً بجلقَ في الزمانِ الأولِ
أولادُ جفنةَ حولَ قبرِ أبيهمِ ... قَبْرِ ابْنِ مارِيَةَ الكريمِ المفْضِلِ
يغشونَ حتى ما تهرُّ كلابُهمْ ... لا يسألونَ عنِ السوادِ المقبلِ
يسقونَ من وردَ البرِيصَ عليهمِ ... بردى يصفقُ بالرحيقِ السلسلِ
يُسقونَ درياقَ المدامِ ولمْ تكنْ ... تدعَى ولائدُهمْ لنقفِ الحنظلِ
بيضُ الوجوهِ كريمةٌ أحسابهمْ ... شمُّ الأنوفِ منَ الطرازِ الأوَّلِ
فلبثُ أزماناً طوالاً فيهمِ ... ثمَّ ادكرتُ كأنني لمْ أفعَلِ
إما ترَيْ رأسِي تغيرَ لَوْنُهُ ... شمطاً فأصبح كالثغامِ المحوِلِ
فلقدْ يرانِي موعديّ كأننِي ... في قصرِ دومةَ أوْ سواءِ الهيكلِ
ولقدْ شربتُ الخمرَ في حانُوتِها ... صهباءَ صافِيَةً كطعمِ الفلفلِ
يسعَى علَيَّ بكأسِها متنطفٌ ... فيعلنِي منْها ولَوْ لمْ أنهلِ
إنَّ التي ناولتنِي فرددتُها ... قتلتْ قُتلت فهاتِها لمْ تقتلِ
كلتاهُما حَلَبُ العصيرِ فعاطِنِي ... بزجاجةٍ أرخاهُما للمفصَلِ
بزجاجةٍ رقصتْ بِما في قعرِها ... رقصَ القلُوصِ براكبٍ مستعجلِ
نسبِي أصِيلٌ في الكرامِ ومذوَدِي ... تكوِي مواسِمُهُ جنوبَ المصطَلِي
ولقدْ تقلدُنا العشيرةُ أمرَها ... ونسودُ يومَ النائباتِ ونعتلِي
ويسودُ سيدنا جحاجحَ سادةً ... ويصيبُ قائلُنا سواءَ المفصِلِ
وتزورُ أبوابَ الملوكِ ركابُنا ... ومتى نحكمْ في البرِيةِ نعْدِلِ
وفتَى يحبُّ الحمدَ يجعلُ مالهُ ... من دونِ والدِهِ وإنْ لمْ يسألِ
باكرتُ لذتهُ وما ماطلتُها ... بزجاجةٍ من خيرِ كرمٍ أهدلِ
وقال حسانٌ: الطويل
أهاجكَ بالبيداءِ رسمُ المنازِلِ ... نعم قد عفاها كلُّ أسحمَ هاطِلِ
وجرتْ عليها الرامِساتُ ذيولَها ... فلمْ يبقَ منها غيرُ أشعثَ مائلِ
ديارُ التي راقَ الفؤادَ دلالُها ... وعزَّ علينا أن تجودَ بنائلِ
لها عينُ كحلاءِ المدامِعُ مطفلٍ ... تراعِي بغاماً يرتعِي بالخمائلِ
ديارُ التي كانتْ ونحنُ على منًى ... تحلُّ بنا لولا نجاءُ الرواحِلِ
ألاَ أيُّها السَّاعِي ليدرِكَ مجدنا ... نأتكَ العُلَى فاربعْ عليكَ فسائلِ
فهلْ يستوِي ماءانِ أخضرُ زاهرٌ ... وحسيٌ ظنونٌ ماؤُهُ غيرُ فاضِلِ
فمَنْ يعدِلِ الأذنابِ ويحَكَ بالذُّرَى ... قد اختلفا برٌّ يحقُّ بباطلِ
تناولْ سهيلاً في السماءِ فهاتِهِ ... سيدرِكنا إنْ نلتَهُ بالأنامِلِ
ألَسنا بحلالينَ أرْضَ عدوِّنا ... تأنَّ قليلاً سلْ بنا في القبائلِ
تجدْنا سبقْنا بالفعالِ وبالنَّدَى ... وأمْرِ العَوالِي في الخُطوبِ الأوائِلِ
ونحنُ سبقْنا الناسَ مجداً وسؤدداً ... تليداً وذكراً نامياً غيرَ خاملِ
ونحنُ سبقْنا الناسَ مجداً وسؤدداً ... تليداً وذكراً نامياً غيرَ خاملِ
لنا جبلٌ يعلو الجبالَ مشرفٌ ... فنحنُ بأعلى فرعهِ المتطاولِ
مساميحُ بالمعرُوفِ وسطَ رحالنا ... وشبانُنا بالفحشِ أبخلُ باخلِ
ومنْ خيرِ حيٍّ تعلمونَ لسائلٍ ... عفافاً وعانٍ موثَقٍ في السلاسِلِ
ومنْ خيْر حيٍّ يعلَمُونَ لجارهمْ ... إذا اختارهمْ في الأمنِ أو فِي الزلازلِ
وفينا إذا ما شُبتِ الحربُ سادةٌ ... كهولٌ وفتيانٌ طوالُ الحمائلِ
نصرنا وآوينا النبيَّ وصدقَتْ ... أوائِلُنا بالحقِّ أولَ قائلِ
وكنا متى تغزُو النبيَّ قبيلةٌ ... نصلْ حافتيهُ بالقنا والقنابلِ