فنحكم بالقوافِي من هجانا ... ونضربُ حينَ تختلطُ الدماءُ
وقال اللهُ قدْ أرْسلْتُ عبداً ... يقولُ الحقَّ إنْ نفَعَ البلاءُ
شهدتُ بهِ وقومِي صدَّ قوهُ ... فقلتم ما نجيبُ وما نشاءُ
وجبريلٌ أمينُ اللهِ فينا ... وروحُ القدسِ ليس لهُ كفاءُ
ألا أبلغْ أبا سفيانَ عنِّي ... فأنتَ مجَّوفٌ نخبٌ هواءُ
هجوتَ محمداً فأجبتُ عنهُ ... وعندَ الله في ذاكَ الجزاءُ
أتهجُوهُ ولستَ لهُ بكفوءٍ ... فشرُّكُما لخيركُما الفداءُ
فمَن يهجُو رسولَ اللهِ منكمْ ... وينصرُهُ ويمدحُهُ سواءُ
فإنَّ أبي ووالداهُ وعرضِي ... لعرضِ محمدٍ منكمْ وقاءُ
فإما تثقفَنَّ بنِي لؤيٍّ ... جذيمةُ إنَّ قتلَهُمُ شفاءُ
أولئكَ معشرٌ نصرُوا علينا ... ففي أظفارِنا منهمْ دماءُ
وحلفُ الحارثِ بن أبي ضرارٍ ... وحلفُ قريظةٍ منا براءُ
لسانِي صارِمٌ لا عيْبَ فيهِ ... وبحرِي ما يُكدرُهُ الدلاءُ
وقال حسان أيضاً: الطويل
ألمْ تسألِ الربعَ الجديدَ التكلُّما ... بمدفَع أشداخٍ فبرقةِ أظلَما
أبى رسمُ دارِ الحيِّ أنْ يتكلَّما ... وهلْ ينطقُ المعروفَ مَنْ كانَ أبْكما
بقاعِ نقيعِ الجزع منْ بَطْنِ يلْيلٍ ... تحملَ منهُ أهلُهُ فتتهَّما
ديارٌ لشعثاءِ الفؤادِ وتربها ... لياليَ تحتلُّ المراضَ فتغلما
وإذْ هيَ حوراءُ المدامِعَ ترتعِي ... بمندفِعِ الوادِي أراكاً منظما
أقامتْ بهِ بالصيفِ حتى بدا لها ... نشاصٌ إذا هبتْ لهُ الريحُ أرزَما
فلما دنتْ أعضادُهُ ودَنا لهُ ... منَ الأرْضِ دانٍ جوزُهُ فتحمحما
تحنُّ مطافيلُ الرباعِ خلالهُ ... إذا استَنَّ في حافاتِهِ البرقُ أثجما
وكادَ بأكنافِ العقيقِ وئيدُهُ ... يحطُّ منَ الجماءِ رُكناً ململما
فلما علا تربانَ وانهلَّ ودقُهُ ... تداعَى وألقَى بركَهُ فتديَّما
وأصبح منهُ كلُّ مدفعِ تلعَةٍ ... يكبُّ العضاهَ سيلُهُ ما تصرَّما
تنادَوا بليلٍ فاستقلَّتْ حمولُهمْ ... وعالينَ أنماطَ الدِّرَقْلِ المرقَّما
عسجنَ بأعناقِ الظباءِ وأبرزتْ ... حواشِي برودِ القطْرِ وشياً منمنما
فأنَّى تلاقِيها إذا حلَّ أهلُها ... بوادٍ يمانٍ من غفارٍ وأسْلَما
تلاقٍ بعيدٌ واختلافٌ منْ النوَى ... تلاقيكها حتى توافِيَ موسِما
سأهْدِي لها في كلِّ عامٍ قصيدَةً ... وأقعدُ مكفيّاً بيثربَ مكرما
ألستُ بنعمَ الجار يؤلفُ بيتهُ ... لدى العرفِ ذا مالٍ كثيرٍ ومعدما
وندْمانِ صدْقٍ تمطرُ الخيرَ كفُّهُ ... إذا راحَ فياضَ العشياتِ خضْرما
وصلتُ بهِ ركنِي ووافَقَ شيمَتِي ... ولمْ أكُ عضاً في الندامَى ملوَّما
وأبقَى لنا مرُّ الحروبِ ورزؤُها ... سيوفاً وأدراعاً وجمعاً عرمرْما
إذا اغبرَّ آفاقُ السماءِ وأمحلَتْ ... كأنَّ عليها ثوبَ عصبٍ مسهَّما
حسبتَ قدورَ الصادِ حولَ بيوتنا ... قنابلَ دهماً في المحلةِ صيَّما
يظلَ لديْها الواغلُونَ كأنَّما ... يوافُونَ بحراً منْ سميحةَ مفعما
لنا حاضرٌ فعمٌ وبادٍ كأنَّهُ ... شماريخُ رضوَى عزةً وتكرُّما
متى ما تزنا من معدٍّ بعصبَةٍ ... وغسانَ نمنعْ حوضَنا أن يُهَدَّما
بكلِّ فتًى عارِي الأشاجعِ لاحَهُ ... قراعُ الكماةِ يرشَحُ المسكَ والدَّما
إذا استدبرتنا الشمسُ درتْ متوننا ... كانَّ عروقَ الجوفِ ينضحنَ عندما
ولدْنا بني العنقاءِ وابنيْ محرقٍ ... فأكرمْ بنا خالاً وأكرِمْ بنا ابْنَما
نسوِّدُ ذا المالِ القلِيلِ إذا بدتْ ... مرؤتُهُ فينا وإنْ كانَ مُعدِما
وإنّا لنقرِي الضيفَ إنْ جاءَ طارِقاً ... من الشحمِ ما أمْسَى صحيحاً مسلما
ألسنا نردُّ الكبْشَ عنْ طيةٍ الهوى ... ونقلبُ نيرانَ الوشيج محطَّما
وكائنْ ترَى منْ سيدٍ ذي مهابةٍ ... أبوهُ أبُونا وابنُ أختٍ ومحرما
لنا الجفناتُ الغرُّ يلمعنَ بالضُّحَى ... وأسيافُنا يقطُرْنَ من نجدةٍ دَما