في فيلقٍ يدعو الأراقِمَ لمْ يكنْ ... فتيانهُ عزلاً ولا أكفالا
بالخيلِ سامةَ الوجوهِ كأنما ... خالطنَ من عملِ الوجيفِ سلالا
ولقد عطفنَ على فزارةَ عطفةً ... كرَّ المنيحِ وجلنَ ثمَّ مجالا
فسقينَ من عادَيْنَ كاساً مرةً ... وأوانَ جدُّ ابن الحُبابِ فزالا
يغشينَ جيفةَ كاهِلٍ عرنينها ... وابنُ المهزَّمِ قدْ تركنَ مذالا
فقتلنَ من حملَ السلاحَ وغيرهمْ ... وتركنَ فلهمُ عليكَ عيالا
ولقدْ بكى الجحافُ مما أوقعتْ ... بالشرعبيةِ إذْ رأى الأطفالا
وإذا سما للمجدِ فرعا وائلٍ ... واستجمعَ الوادِي عليكَ فسالا
كنتَ القذَى في موج أكدرَ مزبدٍ ... قذفَ الأتيُّ بهِ فضلَّ ضلالا
ولقدْ وطئنَ على المشاعرِ منْ منًى ... حتى قذفنَ على الجبالِ جبالا
ولقدْ جشمتَ جريرُ أمراً عاجزاً ... وأريتَ عورةَ أمكَ الجهالا
فانعقْ بضأنِكَ يا جريرُ فإنما ... منتكَ نفسكَ في الخلاءِ ضلالا
منتكَ نفسكَ أن تكونَ كدارِمٍ ... أوْ أنْ توازِنَ حاجباً وعقالا
وإذا وضعتَ أباكَ في ميزانِهِمْ ... قفزَتْ حديدتُهُ إليكَ فشالا
إنَّ العرارةَ والنبوحَ لدارِمٍ ... والمستخفُّ أخوهمُ الأثقالا
المانعينَ الماءَ حتى يشربوا ... عفواتهِ ويقسموهُ سجالا
وابنُ المراغةِ حابسٌ أعيارَهُ ... مرمى البعيدةِ لا يذوقُ بلالا
وقال الأخطل يمدح عكرمة بن ربعي التيمي من بني تيم الله بن ثعلبة، وكان على شرطة بشر بن مروان بالكوفة، ويهجو جريراً: الكامل
لمنِ الديارُ بحائلٍ فوعالِ ... درستْ وغيرها سنونَ خوالِ
درجَ البوارِحُ فوقها فتنكرتْ ... بعدَ الأنيسِ معارِفُ الأطلالِ
فكأنما هيَ من تقادمِ عهدها ... ورقٌ نشرنَ من الكتابِ بوالِ
باتتْ يمانيةُ الرياحُ تقودهُ ... حتى استقادَ لها بغيرِ حبالِ
دمنٌ تذعذعُها الرياحُ وتارةً ... تسقَى بمرتجزِ السحابِ ثقالِ
في مظلمٍ غدقِ الربابِ كأنما ... يسقي الأشقَّ وعالجاً بدوالِي
وعلى زبالةَ باتَ منهُ كلكلٌ ... وعلى الكثيبِ وقلةِ الأدحالِ
وعلى البسيطةِ فالشقيقِ فريقٍ ... فالضوج بينَ رويةٍ فطحالِ
دارٌ تبدلتِ النعامُ بأهلِها ... وصوارَ كلِّ ملمعٍ ذيالِ
أدمٌ مخدمةُ السوادِ كأنها ... خيلٌ هوامِلُ بتنَ في الأجلالِ
ترعى بحازِجُها خلالَ رياضِها ... وتميسُ بينَ سباسبٍ ورمالِ
ولقد تكونُ بها الربابُ لذيذةً ... بفمِ الضجيعِ ثقيلةَ الأوصالِ
يجري ذكيُّ المسكِ في أردانها ... وتصيدُ بعدَ تقتلِ ودلالِ
قلبَ الغويّ إذا تنبهَ بعدما ... تعتلُّ كلُّ مذالةٍ متفالِ
عشنا بذلكَ حقبةً من عيشنا ... وثرًى من الشهواتِ والأموالِ
ولقد أكونُ لهنَّ صاحبَ لذةٍ ... حتى تغيرَ حالهنَّ وحالِي
فتنكرَتْ لما علتنِي كبرَةٌ ... عندَ المشيبِ وآذنتْ بزيالِ
لما رأتْ بدلَ الشبابِ بكتْ لهُ ... والشيبُ ارذلُ هذه الأبدالِ
والناسُ همهمُ الحياةُ وما أرَى ... طولَ الحياةِ يزيدُ غيرَ خبالِ
وإذا افتقرتَ إلى الذخائرِ لمْ تجدْ ... ذخراً يكونُ كصالحِ الأعمالِ
ولئن نجوتُ من الحوادِثِ سالماً ... والنفسُ مشرفةٌ على الآجالِ
لأغلغلنَّ إلى كريمٍ مدحةً ... ولأثنينَّ بنائلٍ وفعالِ
إنَّ ابنَ ربعيٍّ كفانِيْ سيبُهُ ... ضغنَ العدوِّ ونبوةَ المختالِ
أغليتَ حينَ تواكلتنِي وائلٌ ... إنَّ المكارِمَ عندَ ذاك غوالِ
ولقدْ شفيتَ غليلَتِيْ من معشرٍ ... نزلوا بعقوةِ حيةٍ قتالِ
بعدتْ قعورُ دلائهِم فرأيتهمْ ... عندَ الحمالةِ مغلقِي الأقفالِ
ولقدْ مننتَ على ربيعةَ كُلِّها ... وكفيتَ كلَّ مواكِلٍ خذالِ
كزمِ اليدينِ عن العطيةِ ممسكٍ ... ليستْ تبضُّ صفاتُهُ ببلالِ
مثلِ ابنِ بزعةَ أو كآخر مثلهِ ... أولى لكَ ابنَ مسيمةِ الأجمالِ
إنَّ اللئيمَ إذا سألتَ بهرتهُ ... وترى الكريمَ يراحُ كالمختالِ