وقال الراعي في ابن عم له اسمه معية، ويصف فيها الإبلَ: الكامل
صدقتْ معيةَ نفسهُ فترحلا ... ورأى اليقينَ ولمْ يجدْ متعللا
وقضى لبانتهُ معيةُ منكمُ ... ورأى عزيمةَ أمرِهِ أن يفعلا
ورأى أبا حسانَ دونَ عطائِهِ ... فتبينتهُ العينُ أسمرَ مقفلا
فشرى حريبتهُ بكلِّ طوالةٍ ... دهماءَ سابغةٍ توفي المكيلا
وغدا من الأرضِ التي لم يرضها ... واختارَ ورثاناً عليها منزلا
فطوى الجبالَ على رحالةِ بازِلٍ ... لا يشتكي أبداً بخفٍّ جندلا
تغتالُ كلَّ تنوفةٍ عرضتْ لها ... بتقاذفٍ يدعُ الجديلَ موصلا
بجنوبِ لينةَ ما تزالُ براكبٍ ... تذرِي مناسِمُها بهنَّ الحنظلا
تدعُ الفراخَ الزُّغبَ في آثارِها ... منْ بينِ مكسورِ الجناحِ وأقزلا
نحّ الحناجرِ ما يكادُ يقيمُها ... تدعُ القعودَ من التصرفِ أجزلا
آلى إذا بلغتْ مدافِعَ تلعَةٍ ... وعلا ليبلغها المكانَ الأطولا
وكأنهُنَّ أشاءُ يثربَ حولها ... جرفٌ أضرَّ بهنَّ نهيٌ بهلا
وكأنَّ جزيةَ تاجرٍ وهبتْ لهُ ... يوماً إذا استقبلنَ غيثاً مبقلا
وترى أوابيها بكلِّ قرارةٍ ... يكرفنَ شقشقَةً وناباً أعصلا
وإذا سمعنَ هديرَ أكلفَ محنقٍ ... عدلتْ سوالفُها إذا ما جلجلا
فالعبدُ قدْ أعنتنَ أسفلَ ساقهِ ... وعدلْنَ ركبتهُ سواها معدلا
فتركنهُ حلقَ الأدِيمِ مكسراً ... كالمسحِ ألقيَ ما يحركُ مفصلا
دسمَ الثيابِ كأنَّ فروةَ رأسهِ ... زرعتْ فأنبتَ جانباها الفلفلا
لا يسمعُ الحبشيُّ وسطَ عراكِها ... صوتاً إذا ما العبد أورد منهلا
إلا تجاوبهنَّ حولَ سوادِهِ ... بحناجرٍ نحٍّ وشدقٍ أهدلا
ولقدْ تَرى الحبشيَّ وهو يصكُّها ... أشراً إذا ما نالَ يوماً مأكلا
يرمدُّ منْ حذرِ الخلاطِ كما ازدهتْ ... ريحٌ يمانيةٌ ظليماً مجفلا
لا خيرَ في طولِ الإقامةِ للفتى ... إلاَّ إذا ما لمْ يجدْ متحولا
وقال يهجو الأخطل: الطويل
ألاَ يا اسلمِي حييتِ أختَ بني بكرِ ... تحيةَ من صلَّى فؤادَكِ بالجمرِ
بآيةِ ما لاقيتِ منْ كلِّ حسرةٍ ... وما قدْ أذقناكِ الهوانَ على صغرِ
فكائِنْ رأيتِ منْ حميمٍ تجرهُ ... صدورُ العوالي والجيادُ بنا تجري
وما ذكرهُ بكريةً جشميةً ... بدارِ ذوي الأوتارِ والأعينِ الخزرِ
فلنْ تشربي إلاَّ برنقٍ ولنْ تري ... سواماً وحياً بالقصيبةِ فالبشرِ
أبا مالكٍ لا تنطقِ الشعرَ بعدها ... وأعطِ القيادَ القائدينَ على كسرِ
فلنْ ينشرَ الموتَى ولنْ يذهبَ الجزا ... هوِيُّ القوافِي بينَ أنيابِكَ الخضرِ
ولو كنتَ في الحامينَ أحسابَ وائلٍ ... غداةَ الطعانِ لاجتررتَ إلى القيرِ
ولولا الفرارُ كلَّ يومِ وقيعةٍ ... لنالتكَ زرقٌ من مطاردنا الحمرِ
وما حاربتنا من معدٍّ قبيلةٌ ... فنتركها حتى تقرُّوا على وترِ
وكنتَ ككلبٍ قتلَ الجيشُ رهطهُ ... فأصبحَ يعوي في ديارهِمِ الغبرِ
بملحمةٍ لا يستقرُّ غرابها ... دفيفاً ويمسِي الذئبُ فيها معَ النسرِ
ونحنُ تركنا تغلبَ ابنةَ وائلٍ ... كمنكسرِ الأنيابِ منقطِع الظهرِ
وكانوا كذي كفينِ أصبحَ راضياً ... بواحدةٍ شلاءَ من قصَبٍ عشرِ
ألمْ يأتِ عمراً والمفاوزُ دونهُ ... مصارعُ ساداتِ الأراقطِ والنمرِ
تدورُ رحانا كلَّ يومٍ عليهمِ ... بواقدِ حربٍ لا عوانٍ ولا بكرِ
الأخطل
وقال الأخطل، واسمه غياث بن غوث بن الصلتِ بن طارق بن عمرو بن سيحان بن الفدوكس بن عمرو بن مالك بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن تغلب بن وائلٍ يمدح خالد بن عبد الله الأموي، وكان الأخطل نصرانياً: الطويل
عفا واسطٌ من آلِ رضوى فنبتلُ ... فمجتمعُ الحرينِ فالصبرُ أجملُ
فرابيةُ السكرانِ قفرٌ فما بها ... لهمْ شبحٌ إلاَّ سلامٌ وحرملُ
صحا القلبُ إلا منْ ظعائنَ فاتنِي ... بهنَّ ابنُ خلاسٍ طفيلٌ وعزهلُ
كأني غداةَ انصعْنَ للبينِ مسلمٌ ... بضربةِ عنقٍ أو غويٌّ معذلُ