هذا عليُّ رسولُ الله والدهُ أمستْ ... بنورِ هداهُ تهتدي الأممُ
هذا الذي عمهُ الطيارُ جعفرُ ... والمقتولُ حمزةُ ليثٌ حبهُ قسمُ
هذا ابنُ فاطمةَ الغراءَ ويحكمُ ... وابنُ الوصيّ الذي في سيفهِ النقمُ
هذا ابنُ فاطمةٍ إن كنتَ جاهلهُ ... هذا ابنُ خيرِ عبادِ اللهِ كلهمُ
هذا ابنُ فاطمةٍ إن كنتَ جاهلهُ ... بجدهِ أنبياءُ اللهِ قدْ ختموا
هذا ابنُ خيرُ عبادِ الله كلهمِ ... هذا التقيُّ النقيُّ الطاهرُ العلمُ
وليسَ قولكَ منْ هذا بضائرهِ ... العربُ تعرفُ منْ أنكرتَ والعجمُ
من ذا يقاسُ بهذا في مفاخرةٍ ... إذا بنو هاشمٍ في ذاكمُ اختصموا
إذا رأتهُ قريشٌ قالَ قائلها إلى ... مكارمِ هذا ينتهي الكرمُ
ينمى إلى ذروةِ العزِّ التي قصرتْ ... عن نيلها عربُ الإسلامِ والعجمُ
يكادُ يمسكهُ عرفانَ راجتهِ ركنُ ... الحطيمِ إذا ما جاءَ يستلمُ
يغضي حياءً ويغضى من مهابتهِ ... فما يكلمُ إلاَّ حينَ يبتسمُ
مشتقةٌ من رسولِ اللهِ نبعتهُ ... طابتْ عناصرهُ والخيمُ والشيمُ
سهلُ الخليقةِ لا تخشى بوادرهُ ... يزينهُ خلتانِ الخلقُ والكرمُ
من معشرٍ حبهمْ دينٌ وبغضهمُ ... كفرٌ وقربهمُ منجىً ومعتصمُ
مقدمٌ بعدَ ذكرِ الله ذكرهمُ ... في كلِّ بدء ومختومٍ بهِ الكلمُ
يستدفعُ السوءُ والبلوى بحبهمِ ... ويستربُّ بهِ الإحسانُ والنعمُ
إنْ عدَّ أهلُ التقى كانوا أئمتهمْ ... أو قيلَ منْ خيرُ خلقِ اللهِ قيلَ همُ
لا يستطيعُ جوادٌ بعدَ غايتهمْ ... ولا يدانيهم قومٌ وإنْ كرموا
همُ الغيوثُ إذا ما أزمةٌ أزمتْ ... والأسدُ أسدُ الشرى والبأسُ محتدمُ
لا يقبضُ العسرُ بسطاً منْ أكفهمِ ... سيانِ ذلكَ إنْ أثروا وإنْ عدموا
من يعرفِ الله يعرفْ أوليتهُ ... الدينُ منْ جدِّ هذا نالهُ الأممُ
إن تنكروهُ فإنَّ اللهَ يعرفهُ ... والعرشُ يعرفهُ واللوحُ والقلمُ
المختار من شعر الراعي، واسمه عبيد بن حصين بن معاوية بن جندل بن قطن ابن ربيعة بن عبد الله بن الحارث بن نمير بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر ابن هوازن بن مصنور بن عارمة بن حفصة بن قيس بن عيلان بن مضر، ويكنى أبا جندل، ولقب الراعي لكثرة وصفه الإبل، قال يمدح عبد الملك بن مروان ويشكو من السعاة وكان يقول من لم يروِ لي هذه القصيدة وقصيدتي بان الأحبة بالعهد الذي عهدوا من ولدي، فقد عقني: الكامل
ما بالُ دفك بالفراشِ مذيلا ... أقذى بعينكِ أمْ أردتِ رحيلا
لما رأتْ أرَقِي وطولَ تقلبي ... ذاتَ العشاءِ وليليَ الموصُولا
قالتْ خليدةُ ما عراكَ ولمْ تكنْ ... قبلَ الرقادِ عن الشؤونِ سؤولا
أخليدُ إنَّ أباكِ ضافَ وسادهُ ... همانِ باتا جنبةً ودخيلا
طرقا فتلكَ هماهِمي أقرِيهما ... قلصاً لواقِحَ كالقسيِّ ذحولا
شمَّ الكواهلِ جنحاً أعضادُها ... صهباً تناسبُ شدقماً وجديلا
كانتْ نجائبَ منذرٍ ومحرقٍ ... أماتهنَّ وطرقهنَّ فحيلا
وكأنَّ ريضها إذا باشرتها ... كانتْ معاودةَ الرحيلِ ذلولا
حوزيةٌ طويتْ على زفراتِها ... طيَّ القناطرِ قدْ نزلْنَ نزولا
وكأنما انتطحتْ على أثباجِها ... فدرٌ بشابةَ قد تممنَ وعولا
قذفَ الغدوِّ إذا غدونَ لحاجةٍ ... دلفَ الرواحِ إذا أردنَ قفولا
لا يتخذْنَ إذا علونَ مفازةً ... إلا بياضَ الفرقدينِ دليلا
قودٌ تذارعُ غولَ كلِّ تنوفةٍ ... ذرعَ النواسِج مبرماً وسحيلا
وإذا ترقصتِ المفازةُ غادرتْ ... ربذاً يبغلُ خلفها تبغيلا
زجِلَ الحداءِ كأنَّ في حيزومهِ ... قصباً ومقنعةَ الحنينِ عجولا
وإذا ترجلتِ الضُّحَى قذفَتْ بهِ ... فشأونَ عقبتَهُ فظلَّ ذميلا
حتى إذا حسرَ الظلامُ وأسفرتْ ... فرأتْ أوابدَ يرتعينَ هجولا
حدتِ السرابَ وألحقَتْ أعجازَها ... روحٌ يكونُ وقوعها تحليلا
وجرَى على حدَبِ الصوَى فطردْنَهُ ... طردَ الوَسِيقَةِ في السَّماوةِ طولا