إنْ كانَ قدْ أعياكَ نقضُ قصائدي ... فانظرْ جريرُ إذا تلاقى المجمعُ

وتهادروا بشقاشقٍ أعناقها ... غلبُ الرقابِ قرومها لا توزعُ

هلْ تأتينَّ بمثلِ قومكَ دارماً ... قوماً زرارهُ منهمُ والأقرعُ

وعطاردٌ وأبوهُ منهمْ حاجبٌ ... والشيخُ ناجيةُ الخضمُّ المصقعُ

ورئيسُ يومِ نطاعِ صعصعةُ الذي ... حيناً يضرُّ وكانَ حيناً ينفعُ

واسألْ بنا وبكمْ إذا وردتْ منىً ... أطرافُ كلِّ قبيلةٍ منْ يسمعُ

صوتي وصوتكَ يخبروكَ منِ الذي ... عنْ كلِّ مكرمةٍ لخندفَ يرفعُ

وإذا أخذتُ بقاصعائكَ لمْ تجدْ ... أحداً يعينكَ غيرَ منْ يتقصعُ

وقال الفرزدق لخالد بن عبد الله، ويهجو جريراً:

ألا منْ لمعتادٍ منَ الهمِّ عائدِ ... وهمٍّ أتى دونَ الشراسيفِ عاندِ

وكمْ منْ أخٍ لي ساهرِ الليلِ لمْ ينمْ ... ومستثقلٍ عنيْ منَ النومِ راقدِ

وما الشمسُ ضوءُ المشرقينِ إذا انجلتْ ... ولكنَّ ضوءَ المشرقينِ بخالدِ

ستعلمُ ما أثني عليكَ إذا انتهتْ ... إلى حضرموتٍ جامحاتُ القصائدِ

ألمْ ترَ كفيْ خالدٍ قدْ أفاءتا ... على الناسِ زرقاً منْ كثيرِ الروافدِ

أسالَ لهُ النهرَ المباركَ فارتمى ... بمثلِ الروابي المزبداتِ الحواشدِ

فزدْ خالداً مثلَ الذي في يمينهِ ... تجدهُ عنِ الإسلامِ منْ خيرِ ذائدِ

فإني ولا ظلماً أخافُ لخالدٍ ... منَ الخوفِ أسقى منْ سمامِ الأساودِ

وإني لأرجو خالداً أنْ يكفني ... ويطلقَ عني مقفلاتِ الحدائدِ

تكشفتِ الظلماءُ منْ نورِ خالدٍ ... لضوءِ شهابٍ ضوءهُ غيرُ خامدِ

ألا تذكرونَ الرحمَ أوْ تقرضونني ... لكمْ خلقاً منْ واسعِ الخلقِ ماجدِ

لهُ مثلُ كفيْ خالدٍ حينَ يشتري ... بكلِّ طريفٍ كلَّ حمدٍ وتالدِ

فإنْ يكُ قيدي ردَّ همي فربما ... تناولتُ أطرافَ الهمومِ الأباعدِ

منَ الحاملاتِ الحمدَ لما تكمشتْ ... ذلاذلها واستورأتْ للمناشدِ

فهلْ لابنِ عبدِ اللهِ في شاكرٍ لهُ ... بمعروفٍ أنْ أطلقتَ قيديهِ حامدِ

وما منْ بلاءٍ غيرِ كلِّ عشيةٍ ... وكلّ صباحٍ زائرٌ غيرُ عائدِ

يقولُ ليَ الحدادُ هلْ أنتَ قائمٌ ... وما أنا إلاَّ مثلُ آخرَ قاعدِ

كأني حروريٌّ لهُ فوقَ كعبهِ ... ثلاثونَ قيداً منْ صريمٍ وكابدِ

وأما بدينٍ ظاهرٍ فوقَ ساقهِ ... فقدْ علموا أنَّ ليسَ ديني بناقدِ

وراوٍ عليَّ الشعرَ ما أنا قلتهُ ... كمعترضٍ للرمحِ بينَ الطرائدِ

فناكَ الذي يروي عليَّ التي مشتْ ... بهِ بينَ حقوي بطنهِ والقلائدِ

بأيرِ ابنها إنْ لمْ تجدْ حينَ تلتقي ... على زورِ ما قالوا عليَّ بشاهدِ

وقال الفرزدق يمدح هشام بن عبد الملك، ويهجو جريراً:

ألستمْ عائجينَ بنا لعنا ... نرى العرصاتِ أوْ أثرَ الخيامِ

فقالوا إنْ عرضتَ فأغنِ عنا ... دموعاً غيرَ راقيةَ السجامِ

وكيفَ إذا رأيتَ ديارَ قومٍ ... وجيرانٍ لنا كانوا كرامِ

أكفكفُ عبرةَ العينينِ مني ... وما بعدَ المدامعِ منْ لمامِ

وبيضٍ كالدمى قدْ بتُّ أسري ... بهنَّ إلى الخلاءِ عنِ النيامِ

ثلاثٌ واثنتانِ فهنَّ خمسٌ ... وواحدةٌ تميلُ إلى الشمامِ

ظباءٌ بدلتهنَّ الليالي ... مكانَ قرونهنَّ ذرى جمامِ

ترى قضبَ الأراكِ وهنَّ خضرٌ ... يمحنَ بها وعيدانَ البشامِ

ذرى بردٍ بكرنَ عليهِ عذبٍ ... وليسَ بكورهنَّ على الطعامِ

ولوْ أنَّ امرأ القيسِ بنَ حجرٍ ... بدارةِ جلجلٍ لرأى غرامي

لهُ منهنَّ إذْ يبكينَ أنْ لا ... يبتنَ بليلةٍ هيَ نصفُ عامِ

سيبلغهنَّ وحيَ القولِ مني ... ويدخلُ رأسهُ تحتَ القرامِ

أسيدُ ذو خريطةٍ بهيمٌ ... منَ المتلقطي قردَ القمامِ

فقلنَ لهُ نواعدكَ الثريا ... وذاكَ إليهِ مرتفعُ الزحامِ

فجئنَ إليهِ حينَ لبسنَ ليلاً ... وهنَّ خوائفٌ قدرَ الحمامِ

مشينَ إليَّ لمْ يطمثنَ قبلي ... وهنَّ أصحُّ منْ بيضِ النعامِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015