وللبازلِ الكوماءِ يرغو حوارُها ... وللخيلِ تعدو بالكماةِ المساعرِ
كأنك لم تقطعْ فلاةً ولم تنخْ ... قلاصاً لدى وادٍ من الأرضِ غائرِ
جنوحاً بموماةٍ كأنَّ صريفها ... صريفُ خطاطيفِ الصرا في المحاورِ
طوتْ نفعَها عنا كلابٌ وآسدتْ ... بنا أجهليها بينَ غاوٍ وساعرِ
وقد كانَ حقاً أنْ تقولَ سراتهمُ ... لعاً لأخينا عالياً غيرَ عائرِ
وداويةٍ قفرٍ تحارُ بها القطا ... تخطيتها بالناعجاتِ الضوامر
فتاللهِ تبني بيتها أمُّ عامرٍ ... على مثلهِ أخرى الليالي الغوابرِ
فليس شهابُ الحربِ ياتوبُ بعدها ... بغازٍ ولا غادٍ بركبِ مسافرِ
وقدْ كانَ طلاعَ النجادِ وبينَ الل ... سان ومجذَامَ السرَى غيرَ فاترِ
وكنتَ إذا مولاك خافَ ظلامةً ... دعاكَ ولم يهتفْ سواكَ بناصرِ
فإنْ يكُ عبدُ الله آسى ابنَ أمهِ ... وآبَ بأسلابِ الكميِّ المغاورِ
وكانَ كذاتِ البوِّ يضربُ عندهُ ... سباعاً وقد ألقينهُ في الجراجرِ
فإنَّك قد فارقتهُ لكَ عاذراً ... وأنَّى وأنَّى عذرُ منْ في المقابرِ
فأقسمتُ أبكي بعدَ توبةَ هالكاً ... وأحفلُ منْ نالتْ صروفُ المقادرِ
على مثل همامٍ ولابنِ مطرفٍ ... تبكي البواكي أو لبشرِ بن عامرِ
غلامانِ كانَ استوردا كلَّ سورةٍ ... من المجدِ ثم استوثقا في المصادرِ
ربيعي حياً كانَأ يفيضُ نداهُما ... على كلِّ مغمورٍ نداهُ وغامرِ
كأنَّ سنا ناديهمَا كلَّ شتوةٍ ... سنَا البرقِ يبدو للعيونِ النواظِرِ
وقالت ترثيه أيضاً وكان الأصمعي يتعجب منها: الطويل
يا عينُ بكي توبةَ بن الحميرِ ... بسحٍّ كفيضِ الجدولِ المتفجرِ
لتبكِ عليهِ من خفاجةَ نسوةٌ ... بماءٍ شؤونِ العبرَةِ المُتحدرِ
سمعْنَ بهيجا أضلعَتْ فذكرنهُ ... وما يبعثُ الأحزانَ مثلُ التذكرِ
كأنَّ فتى الفتيانِ توبةَ لمْ يسرْ ... بنجدٍ ولم يطلعْ مع المتغورِ
ولم يردِ الماءَ السدامَ إذا بدا ... سنا الصُّبحِ في نادي الحواشي منورِ
ولمْ يعلُ بالجردِ الجيادِ يقودُها ... أسرةَ بينَ الأشمساتِ فأنسرُ
ولم يغلبِ الخصمَ الضجاجَ ويملأ ال ... جِفانَ سديفاً يومَ نكباءَ صرصرِ
وصحراءَ موماةٍ يحارُ بها القطا ... قطعتَ على هولِ الجنانِ بمنسرِ
يقودونَ قباً كالسرَاحين لاحَهَا ... سراهُمْ وسيرُ الرَّاكبِ المتهجرِ
فلما بدتْ أولى العدوِّ سقيتهَا ... صبابةَ مثلوبِ المزادِ المقيرِ
ولمَّأ أهابُوا بالنهابِ حويتهم ... بخاظي البضيعِ كرهُ غيرُ أعْسَرِ
ممرٍّ ككرِّ الأندَريِّ مُثابرٍ ... إذا ما وَنَينَ محصفَ الشدِّ محضرِ
وألوتْ بأعناقٍ طوالٍ وراعها ... صلاصلُ بيضٍ سابغٍ وسنورِ
ألم تر أن العبدَ يقتلُ ربهُ ... فيظهرَ جدَّ العبدِ من غيرِ مظهرِ
قتلتمْ فتًى لا يُسقِطِ الروعُ رُمحهُ ... إذا الخيلُ جالتْ في القَنَا المتكسِّرِ
فيا توبَ للهيجا ويا توبَ للنَّدَى ... ويا توبَ للمستنبحِ المتنورِ
ويا رُبَّ مكروبٍ أجبتَ ونائلٍ ... بذلتَ ومعروفٍ لديكَ ومنكرِ
وقال عبد الله بن الحمير يعتذر إلى بني عقيل في أخيه توبة: الوافر
تأوبني بعارمةَ الهمومُ ... كما يعتادُ ذا الدينِ الغريمُ
كأنَّ الهمَّ ليس يريدُ غيرِي ... وأنْ أمسَى لهُ نَبَطٌ ورومُ
علامَ تقولُ عاذلتي بلومٍ ... يؤرقني وما انجابَ الصريمُ
فقلتُ لها رويداً كي تجلَّى ... غواشِي النومِ والليلُ البهيمُ
ألمَّا تعلمي أنِّي قديماً ... إذا ما شئتُ أعصي منْ يلومُ
وأنَّ المَرءَ ما يدري إذا مَا ... يهمُّ علامَ تحملهُ الهمومُ
وقد تُعدِي على الحاجاتٍ حرفٌ ... كركنِ الرعنِ ذعلبةٌ عقيمُ
مداخلة الفقارةِ ذاتِ لوثٍ ... على الحزَّانِ ملحمةٌ غشومُ
كأنَّ الرحلَ منها فوقَ جأبٍ ... بذاتِ الحاذِ معقلُهُ الصريمُ
طباهُ برجلةِ البقارِ برقٌ ... فباتَ الليلَ منتصباً يشيمُ