تبيتُ بموماةٍ وتصبحُ ثاوياً ... بها في أفاحيصِ الغويِّ المعصبِ

وضمتْ إلى جوفٍ جناحاً وجؤجؤاً ... وناطتْ قليلاً في سقاءٍ محببِ

إذا فترتْ ضربَ الجناحينِ عاقبتْ ... على شزنيها منكباً بعد منكبِ

فلمَّا أحسَّا جرسَها وتضوَّرا ... وأوبتَها من ذلك المتأوبِ

تدلتْ إلى حُصِّ الرؤوسِ كانها ... كراتُ غلامٍ من كساءٍ مرنبِ

فلما انجلتْ عنها الدُّجى وسقتهما ... ضبيبَ سقاءٍ نيطَ لما يخربِ

غدتْ كنواةِ القسبِ عنها وأصبحتْ ... تراطنُها ذريَّةٌ لم تعربِ

ولي في المُنى ألا يعرجَ راكبي ... ويحبسَ عنها كلَّ شيءٍ متربِ

ويفرجُ بوابٌ لها عن مناخها ... بإقليدهِ بابَ الرتاجِ المضببِ

إذا ما أنيختء بابنِ مروان ناقتي ... فليسَ عليها للهبانيقِ مركبِ

أدلتْ بقربي عندهُ وقضى لها ... قضاءً فلم ينقض ولم يتعقبِ

فإنكَ بعد اللهِ أنتَ أميرُها ... وقنعانها في كلِّ خوفٍ ومرغبِ

فتقضي فلولا أنهُ كلُّ ريبةٍ ... وكلُّ قليلٍ من وعيدِكِ مرهبي

إذا ما ابتغى العادي الظلومُ ظلامةً ... لديَّ وما استجلبتَ للمتجلبِ

تبادرُ أبناءَ الوشاةِ وتبتغي ... لها طلباتِ الحقِّ من كلِّ مطلبِ

إذا أدلجتْ حتى ترى الصبحَ واصلَتْ ... أديمَ نهارِ الشمسِ ما لم تغيبِ

فلمَّا رأتْ دارَ الأميرِ تحاوصتْ ... وصوتَ المنادي بالأذانِ المثوبِ

وترجيعُ أصواتِ الخصومِ يردَّها ... سقوفُ بيوتٍ في طمارٍ مبوبِ

يظلُّ لأعلاها دويٍّ كأنهُ ... ترنمُ قارِي بيتِ نحلٍ مجوبِ

وقالت ليلى ترثي توبة بن الحمير الخفاجي: الطويل

نظرتُ ودوني من عماية منكبٌ ... وبطنِ الركاءِ أيَّ نظرةَ ناظرِ

لأونسَ إنْ لمْ يقصرِ الطرفُ دونهم ... فلم تقصرِ الأخبارُ والطرفُ قاصري

فوارسَ أجلَى شأوها عن عقيرةٍ ... لعاقرها فيها عقيرةُ عاقرِ

فآنستُ خيلاً بالرواقِ مغيرةً ... أوائلهُا مثلُ القَطا المتواترِ

قتيلَ بني عوفٍ فواتر تالهُ ... قتيلَ بني عوفٍ قتيلَ يحابرِ

تواردهُ أسيافهمْ فكأنما ... تصادرنَ عن حامي الحديدةِ باتر

من الهندوانياتِ في كلِّ قطعةٍ ... دمٌ ذلَّ عن إثْرٍ من السيفِ ظاهرِ

أتتهُ المنايا بين زغفٍ حصينةٍ ... وأسمرَ خطيٍّ وجرداءَ ضامرِ

على كلِّ جرداءِ السراةِ وسابحٍ ... درأتَ بشباكِ الحديد زوافِرِ

عوابسَ تعدو الثعلبيةَ ضمراً ... فهنَّ شواحٍ بالشكيمِ الشواجرِ

فلا يبعدنكَ الله يا توبَ إنمَا ... لقاءَ المنايا دارعاً مثل حاسرِ

فإنْ تكنِ القتْلَى بواءً فإنكمْ ... ستلقونَ يوماً وردهُ غيرُ مادرِ

وإنَّ السليلَ إنْ أبأتُ قتيلكم ... كمرحوضةٍ عن عركها غيرَ طاهرِ

وإن تكنِ القتلى بواءً فإنكمْ ... فتًى ما قتلتم آل عوفِ بنِ عامرِ

فتى لا تخطاهُ الرفاقُ ولا يرى ... لقدرٍ عيالاً دونَ جارٍ مجاورِ

ولا تأخذُ الإبلُ الزهارَى رماحها ... لتوبةَ عن صرفِ السرَى في الصنابِرِ

إذا ما رأتهُ قائماً بسلاحهِ ... تقتهُ الخفافُ بالثقالِ البهازرِ

إذا لم تجرْ منها برسلٍ فقصرهُ ... ذُرى المرهفاتِ والقِلاصِ التواجرِ

قرَى سيفهُ منها مشاشاً وضيفهُ ... سنامَ المهاريسِ السباطِ المشافرِ

وتوبةُ أحيى من فتاةٍ حييةٍ ... وأجرأ من ليثٍ بخفانَ خادرِ

ونعمَ الفتى إنْ كانَ توبةُ فاجراً ... وفوق الفتى إنْ كانَ ليسَ بفاجرِ

فتىً ينهلُ الحاجاتِ ثمَّ يعلُّها ... فتطلعهُ عنها ثنايا المصادرِ

كأنَّ فتىَ الفتيانِ توبةُ لم ينخْ ... قلائصَ يفحصنَ الحصا بالكراكرِ

ولم يثنِ أبراداً عتاقاً لفتيةٍ ... كرامٍ ورحلٍ قيلٍ في الهواجرِ

ولم يتخلَّ الضيفُ عنهُ وبطنهُ ... خميصٌ كطيِّ السبتِ ليس بحادرِ

فتًى كانَ للمولَى سناءً ورفعةً ... وللطارقِ السارِي قرى غير قاترِ

ولم يدعَ يوماً للحفاظِ وللندَى ... وللحربِ يُذكي نارَها بالشراشرِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015